لتبصرون على أمر وتسترونه والناس في غفلة وعمى! ولئن كان ما تقولون حقا لقد هلكت الأمة ورجعت عن دينها وكفرت بربها وجحدت نبيها، إلا أنتم أهل البيت ومن قال بقولكم وأولئك قليل في الناس! فأقبل ابن عباس على معاوية فقال: قال الله تعالى: وقليل من عبادي الشكور. وقال: وقليل ما هم. وما تعجب منا يا معاوية فاعجب من بني إسرائيل، إن السحرة قالوا لفرعون: فاقض ما أنت قاض فآمنوا بموسى وصدقوه ثم سار بهم ومن اتبعهم من بني إسرائيل فأقطعهم البحر وأراهم العجائب وهم مصدقون بموسى وبالتوراة يقرون له بدينه، ثم مروا بأصنام تعبد فقالوا: يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون! وعكفوا على العجل جميعا غير هارون فقالوا: هذا إلهكم وإله موسى، وقال لهم موسى بعد ذلك: أدخلوا الأرض المقدسة، فكان من جوابهم ما قص الله عز وجل عليهم: قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين، فما اتباع هذه الأمة رجالا سودوهم وأطاعوهم، ما لهم سوابق مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومنازل قريبة منها، مقرين بدين محمد (صلى الله عليه وآله) وبالقرآن، حملهم الكبر والحسد أن خالفوا إمامهم ووليهم، بأعجب من قوم صاغوا من حليهم عجلا ثم عكفوا عليه يعبدونه ويسجدون له ويزعمون أنه رب العالمين، واجتمعوا على ذلك كلهم غير هارون وحده، وقد بقي مع صاحبنا الذي هو من نبينا بمنزلة هارون من موسى من أهل بيته ناس: سلمان، وأبو ذر، والمقداد، والزبير، ثم رجع الزبير وثبت هؤلاء الثلاثة مع إمامهم حتى لقوا الله. وتعجب يا معاوية أن سمى الله من الأئمة واحدا بعد واحد، وقد نص عليهم رسول الله بغدير خم وفي غير موطن، واحتج بهم عليهم وأمرهم بطاعتهم، وأخبر أن أولهم علي بن أبي طالب ولي كل مؤمن ومؤمنة من بعده وأنه خليفته فيهم ووصيه! وقد بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) جيشا يوم
(١٨٧)