وأعتقد أن أهم دافع للإمام الحسن (عليه السلام) في سفره إلى الشام كان اغتنام فرصة هذه المجالس التي كان معاوية يحرص عليها في الشام أكثر من المدينة!
وقد أورد البيهقي في المحاسن والمساوئ / 58، عددا منها تحت عنوان: (محاسن كلام الحسن بن علي رضي الله عنه) وبدأها بمناظرة بين الإمام الحسن (عليه السلام) في قصر معاوية! قال: (أتى الحسن بن علي معاوية بن أبي سفيان وقد سبقه ابن عباس فأمر معاوية فأنزل، فبينا معاوية مع عمرو بن العاص ومروان ابن الحكم وزياد بن أبي سفيان يتحاورون في قديمهم وحديثهم ومجدهم، فقال معاوية: أكثرتم الفخر، فلو حضركم الحسن بن علي وعبد الله بن العباس لقصرا من أعنتكما ما طال!.. وأورد مناظرة ومفاخرة طويلة رتبها معاوية، وفضحهم فيها الإمام الحسن (عليه السلام)! فقبله ابن عباس بين عينيه وقال له: (أفديك يا ابن عم! والله ما زال بحرك يزخر وأنت تصول حتى شفيتني من أولاد البغايا! فقال له الإمام (عليه السلام): (يا ابن العم إنما هي بغاث الطير، انقض عليها أجدل).
ثم روى البيهقي تحريك معاوية لابن الزبير لمناظرة الإمام (عليه السلام) في اليوم التالي، جاء في ختامها قول الإمام (عليه السلام): (ثم بايعوا أمير المؤمنين فسار إلى أبيك وطلحة حين نكثا البيعة وخدعا عرس رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقتل أبوك وطلحة، وأتي بك أسيرا فبصبصت بذنبك وناشدته الرحم أن لا يقتلك فعفا عنك، فأنت عتاقة أبي وأنا سيدك وسيد أبيك! فذق وبال أمرك!
فقال ابن الزبير: أعذر يا أبا محمد، فإنما حملني على محاورتك هذا، وأحب الإغراء بيننا! فهلا إذ جهلت أمسكت عني، فإنكم أهل بيت سجيتكم الحلم والعفو! فقال الحسن: يا معاوية أنظر هل أكيع عن محاورة أحد! ويحك أتدري من أي شجرة أنا وإلى من أنتمي، إنته قبل أن أسمك بميسم تتحدث به الركبان