أطمعه في الاستيلاء على الجزائر فداخل في شأنه الملا من أهل المدينة وحذرهم منه أنه يروم الدعوة للسلطان أبى حمو فاستشاطوا نفرة وثاروا به حتى إذا رأى أنه قد أحيط به خلصه من أيديهم وأخرجه إلى حيه وأبلغه هنالك وحول دعوة الجزائر إلى الأمير أبى زيان تحت استبداده حتى إذا كان من أمر بنى مرين وحلول السلطان عبد العزيز بتلمسان كما قدمناه أقام دعوتهم في الجزائر إلى حين مهلكه ورجوع أبى حمو إلى تلمسان وأقبل جيش أبى زيان إلى تيطرى فأقام سالم هذا دعوته في احيائه وفى بلد الجزائر أمر ابن عمه ولما كان من خروج أبى زيان إلى أحياء رياح على يد محمد بن عريف ما قدمناه واقتضى سالم عهده من السلطان وولى سالم على الجزائر أقام سالم على أمره من الاستبداد بتلك الاعمال واستضافة جبايتها لنفسه وأوعز السلطان إلى سائر عماله باستيفاء جبايتها فاستراب وبقي في أمره على المداهنة وحدثت اثر ذلك فتنة خالد بن عامر فتربص دوائرها رجاء أن يكون الغلب له فيشغل السلطان عنه ثم بدا له ما لم يحتسب وكان الغلب للسلطان ولأوليائه وكان قد حدثت بينه وبين بنى عريف عداوة وخشى أن يحمل السلطان على النهوض إليه فبادر إلى انتقاض على أبي حمو استقام الأمير أبو زيان وجاجا بخالد بن عامر من المخالفين معه من الغرب فوصلوا إليه أول سنة ثمان وسبعين وعقد بينهم حلفا مؤكدا وأقام الدعوة للأمير أبى زيان بالجزائر ثم زحفوا إلى حصار مليانة وبها حامية السلطان فامتنعت عليهم ورجعوا إلى الجزائر فهلك خالد بن عامر على فراشه ودفن بها وولى أمر قومه من بعده المسعود ابن أخيه صغير ونهض إليهم السلطان أبو حمو من تلمسان في قومه وأوليائه من العرب فامتنعوا بجبال حصين وناوشهم جيوش السلطان القتال بأسافل الجبل فغلبوهم عليها وانقضت الناجعة عنهم من الديالم والعطاف وبنى عامر فلحقوا بالقفر ورأى سالم أصحابه أن قد أحيط بهم فلاذ بالطاعة وحمل عليها أصحابه وعقد لهم السلطان من ذلك ما أرادوه على أن يفارقوا الأمير أبا زيان ففعلوا وارتحل عنهم فلحق ببلاد المغرب ريع ثم أجازها إلى نقطة من بلاد الجريد ثم إلى توزر فنزل على مقدمها يحيى بن يملول فأكرم نزله وأوسع قراره إلى أن كان من أمره ما نذكر ورجع السلطان أبو حمو إلى تلمسان وفى نفسه من سالم حرارة لكثرة اضطرابه ومراجعته الفتن حتى توسط فصل الشتاء وأبعدت العرب في مشاتيها فنهض من تلمسان في جيوش زناتة وأغذ السير فصبح بحصن متيجة بالغارة الشعواء وأجفلت الثعالبة فلحقوا برؤس الجبال وامتنع سالم بجبل بنى خليل وبعثوا ابنه وأولياءه إلى الجزائر فامتنعوا بها وحاصروه أياما ثم غلبوه على مكامنه فانتقل إلى بنى ميسرة من جبال صنهاجة وخلف أهله ومتاعه وصار الكثير من الثعالبة إلى الطاعة
(١٣٨)