ولو تدبرت لتجد الشخص في منزله في غاية الكبر والنخوة، وفي منزلك ضعيف الحال منكسر البال بالإضافة إلى منزله، وفي الخارج متوسط الحال.
هذا هو الغالب والمشاهد في النفوس الناقصة، وليس إلا من جهة ضعف العنصر، والشخص الكامل قليل قليل، أقل من الكبريت الأحمر في كل عصر ومصر، بل ربما ينجر طول المقال في المجلس الأول من الملاقاة إلى غاية الملال، وفي الفقرة المذكورة من الرواية المذكورة تلويح إلى وقوع ترك الأولى من ابن أبي عمير وكون الأولى الغب.
والظاهر أن مناسبة الغب كانت معروفة بين الخاصة والعامة، كما يرشد إليه ما في الصحاح من أنه يقال: " زرغبا تزدد حبا " سواء كان هذا من كلام الجوهري أو من كلام الحسن.
وظاهر العبارة أنه ليس حديثا نبويا، لكنه ورد في أخبار الخاصة نبويا أو وصويا.
وفي الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) روحي وروح العالمين له الفداء:
إن شئت أن تقلى فزر متواترا * وإن شئت أن تزداد حبا فزرغبا منادمة الإنسان تحسن مرة * وإن أكثروا إدمانها أفسدوا حبا. (1) قوله (عليه السلام) روحي وروح العالمين له الفداء: " تقلى " أي: تبغض، كما في قوله سبحانه: (ما ودعك ربك وما قلى). (2) قوله (عليه السلام) روحي وروح العالمين له الفداء: " إدمانها " أي: إدمان الندامة، ولعل مفسدة الإكثار لا تندفع بالاختلاف اليومي. فهو يؤيد حمل الغب في الشعر والخبر المأثور على الاختلاف الأسبوعي.