الثاني: لو دل خبر ضعيف على استحباب الوضوء لغاية من الغايات، إذ بناءا على ثبوت الاستحباب يكون ذلك الوضوء مستحبا ورافعا للحدث، وبناءا على عدمه لا يكون رافعا - والايراد عليه - بأنه ليس كل وضوء مستحب رافعا، فان وضوء الجنب للنوم مستحب غير رافع، وكذا لإعادة الجماع، مندفع: بان ما ذكر من موارد النقض فإنما هو في فرض عدم امكان رفع الحديث بالوضوء لأنه الأكبر، وأما إذا كان الحدث أصغر فلا اشكال في ارتفاعه بالوضوء المستحب.
ولكن الذي يرد على ذلك أن الوضوء مستحب نفسي فلو توضأ للغاية المفروضة بما انه يقصد الوضوء، لا محالة يكون وضوئه رافعا للحدث، وان لم يثبت الاستحباب باخبار الباب.
فتحصل انه لا ثمرة لهذا البحث الا من ناحية فتوى الفقيه باستحباب العمل، واتيان المقلد به بقصد الامر على القول بثبوت الاستحباب، ولا يجوز شئ منهما على القول الاخر.
جريان البراءة في الشبهة التحريمية الموضوعية التنبيه الرابع: اتفق الأصولين والأخباريون، على أن مقتضى الأصل في الشبهة الموضوعية التحريمية هو الإباحة، وعدم وجوب الاجتناب عنها، ويشهد به مضافا إلى اطلاق أدلة البراءة خصوص جملة من الاخبار على ما تقدم، وقد يتوهم عدم جريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان فيها، وانها تختص بالشبهات الحكمية: لان مورد القاعدة ما إذا لم يبين الشارع الحكم أصلا، وفى الشبهة الموضوعية بين الشارع الحكم، مثلا لو شك في كون مايع خمرا أو ماءا، فقد بين الشارع حكم الخمر وانما الشك يكون في امتثال ذلك التكليف فيجب حينئذ الاجتناب عن كل ما يحتمل خمريته من باب المقدمة العلمية، فالعقل لا يقبح العقاب إذا صادف الحرام الواقعي.
- وبعبارة أخرى -: ان مورد قاعدة قبح العقاب بلا بيان انما هو ما إذا لم يردد بيان