الحائض ذاتا وان لم يقصد القربة: فإنه حينئذ يدور امر الصلاة عليها بين الوجوب والحرمة، ووجوبها على تقدير ثبوته تعبدي، وفى مثل ذلك وان لم يمكن الموافقة القطعية، الا انه يمكن المخالفة القطعية باتيان الصلاة بلا قصد القربة فإنها لو كان حائضا فقد أتت بالمحرم ولو كانت طاهرا فقد تركت الواجب.
والحق عدم جريان البراءة في هذا الصورة في شئ من الطرفين: للعلم الاجمالي ومنجزيته بناءا على ما سيأتي تحقيقه في مبحث الاشتغال من أن العلم الاجمالي له اثر ان - الموافقة القطعية - والمخالفة القطيعة، وقد يترتب عليه هما معا، وقد يترتب عليه أحدهما دون الاخر، وقد لا يترتب عليه شئ منهما، وفى الصور الثلاث الأول يكون العلم منجزا وموجبا لتساقط الأصول في أطرافه، وعليه فإذا أمكن المخالفة القطعية خاصة كما في المقام لم تجر الأصل ووجب الاجتناب عن تلك فيتعين عليها ترك الصلاة رأسا، أو الاتيان بها بقصد القربة بالنحو المشروع عليها.
ولا يخفى ان المحقق الخراساني في مبحث الاضطرار يصرح بأنه لو اضطر إلى أحد أطراف العلم الاجمالي لا بعينه لا يكون هذا العلم منجزا، ولا محذور في مخالفته القطعية، وهذا لا يلائم مع ما ذكره في المقام من تنجز العلم الاجمالي بالنسبة إلى المخالفة القطعية، ولكن حيث إنه ستعرف ان المختار عندنا تنجزه بالإضافة إليها في تلك المسألة فهو منجز في المقام.
دوران الامر بين المحذورين في العبادات الضمنية ثم إن الشيخ الأعظم (ره) أفاد انه إذا دار الامر بين كون شئ شرطا أو مانعا، أو بين كونه جزءا وكونه زيادة مبطلة يكون من هذا الباب، واختار التخيير فيه على حذر ما تقدم من دوران الامر بين المحذورين في التكاليف الاستقلالية، ومثل له بالجهر بالقراءة في ظهر يوم الجمعة حيث، قيل بوجوبه، وقيل بوجوب الاخفات وابطال الجهر وبالجهر بالبسملة في الركعتين الأخيرتين، وبتدارك الحمد عند الشك فيه بعد الدخول في السورة،