التخيير استمراريا، أم يحكم به في الأول، وفى الزمان الثاني لا بد من اختيار خلاف ما اختاره في الزمان الأول وجهان.
ذهب المحقق النائيني (ره) إلى الأول بدعوى انه في الوقايع المتعددة كل واقعة برأسها يدور أمرها بين المحذورين، ولا علم فيها بالملاك الملزم لا بالنسبة إلى الفعل ولا بالنسبة إلى الترك، وليس هناك خطاب قابل للداعوية، غاية الامر إذا اختار في الزمان الثاني عين ما اختاره في الزمان الأول يحصل له العلم بالمخالفة وهذا لا اثر له.
وفيه: انه على القول بتنجيز العلم الاجمالي في التدريجيات، يجرى في هذا المورد ما ذكرناه في سابقه، فإنه يتولد حينئذ علمان اجماليان فتعلق أحدهما بوجوب الفعل في أحد الزمانين، والاخر بحرمته فيه، وكل من العلمين له مقتضيان الموافقة القطعية، والمخالفة القطعية، والتزاحم بينهما انما يكون من الناحية الأولى، ولا تزاحم بينهما من الناحية الثانية، فلا بد من البناء على تنجيز كل منهما بالإضافة إلى المخالفة القطعية، فيتعين عليه في الفرض في الزمان الثاني اختيار خلاف ما اختاره في الزمان الأول، إذ لو اختار عينه يحصل له العلم بمخالفة أحد التكليفين.
والغريب ان المحقق النائيني (ره)، مع ذهابه إلى تنجيز العلم الاجمالي، في التدريجيات، اختار في المقام ان التخيير استمراري لا بدوي، نعم ما افاده تام، على مسلك من يرى عدم تنجيز العلم الاجمالي فيها كما عرفت.
حكم ما لو احتمل أهمية أحد الالزامين ولو احتمل أهمية أحد التكليفين، في الوقايع المتعددة، فهل يكون كالمسألة السابقة، فلا يحكم بالتعيين، ليوافقه قطعا، ويخالف التكليف الاخر كذلك، من جهة ان التكليف في كل من الواقعين غير معلوم، وكذلك الملاك، أو يكون على خلاف تلك المسألة ويحكم بالتعيين وجهان بل قولان، وقد اختلفت كلمات المحقق النائيني، ففي المقام يبنى على أصالة التخيير، وفى مسالة دوران الامر بين شرطية شئ ومانعية اختار