ليس هو الامكان التكويني، بل المراد به الامكان التشريعي، المقابل للامتناع في عالم التشريع، إذ المحاذير المذكورة كلها راجعة إلى عالم التشريع، والا فلم يتوهم أحد ترتب محذور تكويني على التعبد بالظن، وعليه فلا ربط لذلك بالعقلاء كي يقال ان بنائهم على الامكان.
أقول ينبغي ان يعد هذا الكلام من الغرائب، إذ الامكان والامتناع ليسا أمرين اعتبارين كي يختلف الحال باعتبار شخص دون شخص بل هما أمران واقعيان، بمعنى ان الخارج ظرف لهما لا لوجودهما، وانما الاختلاف يكون من ناحية المتعلق، وقد يكون المتعلق أمرا تكوينيا وقد يكون تشريعيا، فالامكان والامتناع في جميع الموارد بمعنى واحد، فكما ان بناء العقلاء على الامكان في التكوينيات يكون بنائهم عليه في التشريعيات.
مع أنه لو سلم كون الامكان التشريعي غير الامكان التكويني، لا أرى محذورا في القول بان بناء العقلاء على ترتيب اثار الامكان في مقام العمل، وعدم طرح الدليل الدال على التعبد به بمجرد احتمال ترتب محذور عليه في عالم التشريع كما يقال بان بنائهم عليه في الامكان التكويني، وكون الامر في التشريعيات بيد غيرهم لا يصلح للمنع عن ذلك كيف، وهل يكون الامر في التكوينيات بيدهم ومربوطا بهم كي يقال انه لا ربط للتشريعيات بهم.
ما توهم لزومه من التعبد بغير العلم من المحاذير وكيف كان فمن اختار، استحالة التعبد بالظن وبغير العلم، أو بطلانه وان لم يكن محالا، توهم لزوم محاذير من التعبد به.
وقبل بيان تلك المحاذير ونقدها، لا بد وان يعلم أن الصور المعقولة في موارد التعبد بالظن ست، إحداها عدم وجود الحكم في الواقع، ثانيتها، وجود الحكم الواحد سنخا في الواقع والظاهر معا مع كون متعلقيهما ضدين، ثالثتها وجود الحكمين مع وحدة