على أنفسهم أشياء " قل لا أجد فيما أوحي إلى محرما على طاعم يطعمه الا ان يكون ميتة أو دما مسفوحا " (1) حيث إنه تعالى أبطل تشريعهم، بعدم وجدان ما حرموه فيما أوحى الله تعالى إليه، فلو لم يكن عدم الوجدان كافيا في الحكم بالإباحة وعدم الحرمة، لما صح هذا الاستدلال.
وأورد على الشيخ الأعظم وتبعه المحقق النائين (ره)، بان عدم وجدانه (ص)، دليل على عدم الوجود، وكاشف عنه، فلا يصح الاستدلال بها للحكم فيما لم يعلم وجوده، والشيخ الأعظم (ره) قال إنه مشعر بذلك لما فيه من العدول عن التعبير بعدم الوجود إلى عدم الوجدان، وأنكر ذلك المحقق الخراساني (ره) وقال إنه لعل النكتة في التعبير هو تلقين ان يجادلهم بالتي هي أحسن، فإنه في التعبير بعدم الوجدان من مراعاة الأدب ما ليس في التعبير بعدم الوجود.
أقول الأظهر تمامية الاستدلال بها، إذ هذه الآية نزلت في مقام المحاجة مع الكفار غير المعرفين بنبوته، المعلوم ان علمه (ص) بعدم الحرمة لا يفيد لهم، وفى هذا المقام لقنه، بان يلزمهم بما هو من الأصول المسلمة عند العقلاء، وهو ان ما لم يعلم حرمته لا يجوز الالتزام بتركه، وترتيب آثار الحرام عليه، فهذه الآية تدل على البراءة فتأمل.
الآية الرابعة التي استدل بها للبرائة ومن الآيات قوله سبحانه " وما لكم الا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم " (2) وتقريب الاستدلال بها، في سابقتها، لورودها في الرد على الكفار الملتزمين بترك الفعل الذي ليس فيما فصل دليل على حرمته، فان الاستدلال لبطلان مقالتهم بعدم وجود ما حرموه على أنفسهم فيما فصل من المحرمات دليل على إباحة ما لم يعلم حرمته.