والنهى انما يكون ناشئا عن المفسدة في المنهى عنه وهو زجر عن الفعل.
2 - انه لو سلم كون النهى هو طلب الترك كما تجرى البراءة في الصورة الأولى كذلك تجرى في الثانية وذلك يبتنى على بيان مقدمة.
وهي انه كما يكون وجود الطبيعي بوجود افراده لا أمرا متحصلا عنها كذلك يكون عدم الطبيعي باعدام افراده لا أمرا متحصلا عنها، وعليه فإذا كان المطلوب عدم الطبيعة بالنحو الثاني كان المطلوب هو اعدام افراده، وحيث انها متعددة وكل عدم مطلوب بطلب ضمني، فعلى القول بجريان البراءة في الشك في الأقل والأكثر تجرى البراءة عن مطلوبية عدم ما شك في فرديته للعلم بمطلوبية ساير الاعدام، والشك في مطلوبيته والبرائة تقتضي عدم مطلوبيته.
وأجاب المحقق النائيني (ره) عن الاشكال، بما حاصله: ان النهى المتعلق بطبيعة متعلقة بموضوع خارجي كلا تشرب الخمر تتصور على نحوين - أحدهما - السالبة المحصلة بان يكون كل فرد من افراد الخمر فيه مفسدة مستقلة موجبة للزجر عنه، وفى مثله تجرى البراءة في الشبهة الموضوعية إذ العقاب، انما يترتب فيما إذا علم بوجود ذلك الموضوع في الخارج، وما لم يعلم لا يصح العقاب على مخالفة ذلك التكليف، لان تنجز التكليف في هذه الموارد، انما يكون بالعلم بالكبرى، والعلم بالصغرى معا ومجرد العلم بالكبرى لا يجدى، إذ العقاب انما يترتب على العلم بالتكليف الفعلي، وعليه فلا محالة ينحل التكليف المجعول بالنحو الكلى إلى احكام عديدة مجعولة على نحو القضية الحقيقية، فمع الشك في صدق الموضوع يشك في فعلية الحكم ومعه يرجع إلى البراءة - ثانيهما - الموجبة المعدولة المحمول، كان يقال كن لا شارب الخمر، وفى مثله لا تجرى البراءة، إذ متعلق هذا التكليف هو كان المكلف واجدا لوصف اللا شاربية، فلو شك في خمرية شئ يشك لا محالة في حصول هذا الوصف مع عدم تركه فيرجع الشك إلى الشك في الامتثال.
ويرد عليه أولا، ان التكليف الفعلي إذا لم يكن معلوما انما يقبح العقل العقاب على مخالفته إذا كان ذلك عن قصور من ناحية المولى في مقام الجعل أو الايصال، واما