اطاعته ويصح العقاب على مخالفته، وبالنسبة إلى الأكثر لم يصل فيقبح العقاب عليه، كذلك بالقياس إلى الغرض فإنه على تقدير ترتبه على الأقل كان الحجة عليه تامة وبتركه يفوت الغرض قطعا فيصح العقاب عليه، وعلى تقدير ترتبه على الأكثر لم يقم عليه بيان من المولى، فلا يلزم العقل بالاتيان به وكان العقاب على تفويته بترك الأكثر عقابا بلا بيان : لكونه مستندا إلى عدم بيان المولى لا إلى تقصير العبد وتحصيل الغرض الذي لم يبينه المولى غير واجب، والعقل يرى العقاب على تفويت هذا الغرض عقابا بلا بيان.
وبالجملة الغرض لا يزيد على الامر فإذا لم يصل محصله إلى العبد، ولم يجعل الشارع وجوب الاحتياط عند احتماله يستكشف من ذلك أن هذا الغرض ليس بحد من اللزوم يجب تحصيله على كل حال، بل لو وصل يجب تحصيله، وما دام لم يصل يكون العبد في فسحة منه وتفويته غير موجب للعقاب، وحيث إن وجوب الأكثر لم يصل ففوت الغرض ان كان مستندا إلى تركه لا يكون موجبا للعقاب.
هذا كله بناءا على تبعية الأحكام للمصالح في المتعلقات، واما بناءا على تبعيتها لمصالح في الجعل وفى أنفسها كما هو الشأن في الأحكام الوضعية، ومال إليه المحقق الخراساني (ره) فالاشكال مندفع من أصله.
فالمتحصل انه لا مانع من جريان البراءة العقلية في الأكثر، أي الزايد عن الأقل.
جريان البراءة الشرعية في الأقل والأكثر واما الجهة الثانية: وهي جريان البراءة الشرعية وعدمه فبناءا على ما اخترناه من جريان البراءة العقلية، فلا ريب في جريان البراءة الشرعية، لان تعلق التكليف بالجزء المشكوك فيه غير معلوم، فيرفعه حديث الرفع وغيره من أدلة البراءة، ولا يعارضه ان تعلق التكليف بخصوص الأقل غير معلوم فهو مرفوع، لان تعلقه بالأقل، اما استقلالا أو ضمنا معلوم، والشك انما هو في تعلقه بالأكثر.
والايراد على شمول دليلها للجزء المشكوك فيه، تارة بان الجزئية ليست