المضار الدنيوية للمنافع، مضافا: إلى اتفاق الفريقين الذين هما من العقلاء، على جريان البراءة في الشبهات الموضوعية، مع احتمال الضرر الدنيوي، وان أريد به المفسدة، فيدفعه انه لا دليل على وجوب دفع المحتمل منها، ولذا ترى جريان البراءة في الشبهة الموضوعية مع وجود هذا الاحتمال.
واما الجهة الثالثة: فالظاهر أنه لو تمت أدلة وجوب الاحتياط تكون واردة على القاعدة، وسيجيئ الكلام فيه مفصلا.
الاستدلال على البراءة بالاستصحاب ثم انه ربما يستدل على البراءة بالاستصحاب، وتقريبه على نحوين.
الأول: استصحاب عدم التكليف الثابت في حال الصغر وعدم استحقاق العقاب على الفعل أو الترك وأورد عليه بايرادات.
الأول: ان المستصحب لا بد وأن يكون اثرا شرعيا أو موضوعا لاثر شرعي، وعدم التكليف ليس له اثر شرعي، ولا بنفسه اثر فإنه أزلي، وعدم العقاب من لوازمه العقلية فلا ينالهما يد الموضع والرفع، وقد وجه المحقق الخراساني كلام الشيخ الأعظم (ره) بذلك.
وفيه: انه لم يدل دليل على اعتبار كون المستصحب مجعولا شرعيا أو موضوعا له، بل المعتبر كون المستصحب قابلا للتعبد به، وعدم التكليف، وان كان أزلا غير قابل للوضع والرفع، الا انه بقاءا بيد الشارع.
الثاني: ما افاده الشيخ الأعظم (ره) وهو ان المتحقق في السابق عدم المنع، واستصحاب لا يفيد لأنه لا يقطع معه بعدم العقاب، فيحتاج إلى ضم قاعدة قبح العقاب بلا بيان، ومعها لا حاجة إلى الاستصحاب - نعم - لو كان الاستصحاب حجة في مثبتاته، أو كان من الامارات صح التمسك به، إذ على الأول كان يثبت به الإباحة والترخيص، ومعه يقطع بعدم العقاب، وعلى الثاني كان يظن بعدم العقاب، وهو في حكم القطع بالتعبد، ولكن المبنيين فاسدان، فهذا الاستصحاب لا يفيد.