لو شك في القدرة العقلية واما المورد الثالث: وهو ما لو شك في القدرة العقلية بالشبهة المصداقية، أو شك في الخروج عن محل الابتلاء بهذا النحو على القول باعتبار الدخول في محل الابتلاء.
فقد يقال ان مقتضى اطلاق أدلة التكاليف ثبوتها في هذه الموارد، ولكن قد تقدم في مبحث العام والخاص، ان التمسك بالعام في الشبهة المصداقية لا يجوز مطلقا خصوصا إذا كان المخصص لبيا ضروريا.
وعن بعض المحققين انه وان لم يصح التمسك بالاطلاقات الا انه لا يصح الرجوع إلى البراءة أيضا لتسالم الأصحاب على أن الشك في القدرة ليس موردا للبرائة بل يجب الفحص ليحرز العجز أو يتحقق الامتثال، الا ترى انه لو شك في القدرة على حفر الأرض لدفن ميت أو شك الجنب في كون باب الحمام مفتوحا حتى يكون قادرا على الغسل أم لا؟ لا ريب في لزوم الفحص وعدم جواز الرجوع إلى البراءة عن وجوب الدفن أو وجوب الغسل، وعليه فيتعين الرجوع إلى قاعدة الاشتغال وأصالة الاحتياط.
وفيه: أولا ان هذا لو تم فإنما هو في التكاليف الوجوبية ولا يتم في المحرمات فإنه لا يلزم من جريان البراءة فوت الغرض الملزم الذي هو المانع عن جريان البراءة في الواجبات كما ستعرف.
وثانيا: انه لا تسالم من الأصحاب على عدم جريان البراءة عند الشك في القدرة الا فيما علم فوات غرض المولى الملزم على كل حال أي حتى مع العجز عن الامتثال، غاية الامر مع العجز لا يستند الفوت إلى المكلف فلا شئ عليه، فيجب الفحص حينئذ لئلا يكون فوت الغرض الملزم مستندا إلى التقصير العبد، لان العلم بالغرض بمنزلة العلم بالتكليف، واما لو لم يحرز وجود الغرض الملزم، اما لاحتمال دخل القدرة فيه، أو لعدم كون المورد محله كما في المقام إذ لم يحرز وجود الغرض الملزم في مورد الشك في التكليف فلا مانع من جريان البراءة، الا إذا كان للتكليف المشكوك قدرته على امتثاله