الظاهر منها هو كونها بصدد بيان ان سنة الله جارية على ذلك، وان العقاب غير لايق بمقامه ولا يناسب صدوره منه، ومن البديهي ان العقاب مع عدم الاستحقاق لا يليق بشأنه، واما العقاب مع الاستحقاق فهو لايق بشأنه فمن نفى العقاب بهذا البيان يستكشف عدم الاستحقاق.
الايراد الثالث: ان هذه الآية لا تنفع في مقابل الاخباري فإنه يزعم صلاحية اخبار الاحتياط لكونه بيانا فيكون نسبة هذه الآية إلى دليلهم نسبة الأصل إلى الدليل.
وفيه: ان المراد ببعث الرسل بيان الحكم الواقعي، إذ الظاهر منه بيان ما يكون على مخالفته العقاب وليس هو الا الحكم الواقعي ولا شبهة في أن اخبار الاحتياط ليست بيانا له.
الايراد الرابع: ان المراد من بعث الرسل، ان كان وصول الحكم، صح ما ذكر، ولكن من الممكن لو لم يكن هو الظاهر أن المراد به البيان في مقابل السكوت، فيكون مفادها عدم العقاب على مخالفة ما لم يبينه الشارع وسكت عنه، فيكون مفادها مفاد اسكتوا عما سكت الله فلا تدل على البراءة.
الآية الثانية التي استدل بها للبرائة ومن الآيات، قوله سبحانه " لا يكلف الله نفسا الا ما آتاها (1) " وتقريب الاستدلال بها ان المراد من الموصول هو الحكم، فيكون المراد من الايتاء الاعلام والوصول، فيكون المراد بها ان الله تبارك وتعالى لا يكلف بالتكليف غير الواصل إلى المكلف.
وأورد عليه بايرادات. الأول: ما عن الشيخ الأعظم (ره) - وحاصله - ان ما الموصولة تحتمل معان ثلاثة أحدها خصوص الحكم، فيكون المراد من الايتاء الاعلام. ثانيها:
خصوص المال بقرينة قوله تعالى قبل ذلك ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله