الوجوب المعلوم تعلقه بأحدهما ليس مسببا عن كون هذا الفرد واجبا فعلا وانما يكون مسببا عن تعلقه به أولا وحيث لا يجرى فيه الأصل للتعارض فيجرى في المسبب.
فان قلت إذا جرى الأصل في الظهر مثلا وحكم الشارع بعدم العقاب من ناحية ترك الظهر، فما فائدة الاستصحاب، وجريانه، لا يوجب حكم العقل بلزوم الاتيان بالظهر.
قلت إنه في صلاة الظهر جهتين، إحداهما كونها مصداقا للجامع الذي علم تعلق التكليف به، ثانيتهما: خصوصية الظهرية والبرائة من الجهة الثانية، تجرى، وتدل على عدم اقتضاء العقاب من هذه الناحية، واما من الجهة الأولى فهي ساكتة، عنها والاستصحاب يدل على اقتضائه من تلك الناحية، ومن البديهي ان مالا اقتضاء له لا يزاحم ما له اقتضاء.
ويمكن ان يذكر وجه آخر لعدم جريان الأصل النافي فيه، وهو ان الأصل في كل طرف من أطراف العلم الاجمالي، من الأول إلى الأبد يعارض مع الأصل الجاري في الطرف الآخر، وان كان أقصر زمانا منه، كما لو علم بحرمة الجلوس من الطلوع إلى الزوال في محل، أو حرمته من الطلوع إلى الغروب في محل آخر.
وان شئت فعبر عنه بأنه ينحل هذا العلم إلى علمين اجماليين، أحدهما العلم بحرمة الجلوس من الطلوع إلى الزوال في هذا المحل، أو الجلوس من الطلوع إلى الزوال في محل آخر، ثانيهما: العلم بحرمته من الطلوع إلى الزوال، أو حرمته من الزوال إلى الغروب في محل آخر، وحيث انهما مقارنان فينجزان معا، وفى المقام نقول انه لو فرضنا العلم بوجوب الجمعة أو الظهر مثلا - فصلى الجمعة - لا يجرى الأصل في الظهر لان العلم الاجمالي ينحل إلى العلم بوجوب الجمعة إلى حين الاتيان بها أو النظر إلى ذلك الزمان، والعلم بوجوب الجمعة إلى ذلك الحين، أو الظهر من ذلك الحين إلى الغروب، فلا محالة أصالة عدم وجوب الظهر من ذلك الحين تعارض مع أصالة عدم وجوب الجمعة فتتساقطان فتدبر فإنه دقيق.
لو كان المعلوم الاجمالي واجبا تعبديا الامر الثالث: إذا تردد الواجب بين أمرين أو أمور، واتى المكلف ببعض