والحق في الجواب ان الضرر هو النقص الدنيوي غير المتدارك بنفع كذلك، واما النفع الأخروي فهو الموجب للامر بالتضرر ولا يكون مخرجا له عن كونه ضررا، فالأظهر شموله لها، مع: ان المراد بالعوض اما الاجر الأخروي، أو المصلحة الكامنة في فعل العبادة، اما الاجر فثبوته تابع للامر وبعد تقييد اطلاق دليل الامر بالعبادة بحديث لا ضرر يكون الامر تابعا ومتوقفا على عدم كون العبادة ضررية، فلو توقف ذلك على الاجر كان ذلك دورا واضحا، واما المصلحة فحيث ان الدليل ليس في مقام بيانها بل في مقام بيان الامر وانما تستكشف هي من ثبوت الامر بناءا على مسلك العدلية من تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد في المتعلقات، فثبوت المصلحة انما يتوقف على ثبوت الامر، وهو يتوقف على عدم الضرر، فلو كان ذلك متوقفا على ثبوت المصلحة لزم الدور، فالعوض الأخروي، والمصلحة لا يصلحان لجبر الضرر فتدبر فإنه دقيق.
الاقدام لا يمنع عن شمول الحديث التنبيه الثالث: لا اشكال في شمول الحديث، لما إذا كان السبب للتضرر، هو الحكم الشرعي بلا دخل لما هو فعل اختياري للمكلف فيه.
انما الكلام فيما إذا كان للفعل الاختياري دخل فيه فإنه قد اختلفت كلمات القوم في موارده، ويتوهم التنافي بين فتاوى القوم فيها.
وقد صرح غير واحد في جملة من التكليفيات بان الاقدام على الضرر لا يوجب عدم حكومة القاعدة عليها.
وقالوا انه من أجنب نفسه متعمدا مع كون الغسل مضرا له ان هذا الاقدام لا يوجب عدم جريان قاعدة لا ضرر.
وانه إذا صار المكلف باختياره سببا لمرض أو عدو يتضرر به سقط وجوب الصوم والحج.
وانه لو أحدث المتوضئ مع كون الوضوء ضرريا لا يجب عليه الوضوء.