حكم الاضطرار إلى غير المعين واما المقام الثاني: وهو ما لو كان الاضطرار إلى أحد الأطراف لا بعينه ففيه مسالك.
الأول: ما اختاره المحقق الخراساني في الكفاية وهو ان الاضطرار إلى غير معين مانع علم العلم بفعلية التكليف فإنه موجب لجواز ارتكاب أحد الأطراف أو تركه تخييرا وهو ينافي العلم بحرمة المعلوم أو بوجوبه بينها فعلا.
أقول ان مراده (قده) من ذلك، ان كان ان الترخيص الواقعي ينافي العلم بحرمة المعلوم، فيرد عليه ما ستعرفه عند بيان المختار، وان كان مراده ان الترخيص الظاهري ينافي معه من جهة ان العلم الاجمالي علة تامة لوجوب الموافقة القطعية، ولا يجوز الترخيص في تركها، فقد مر ما فيه مفصلا فراجع.
الثاني: ما ذهب إليه المحقق النائيني (ره) وهو البناء على التوسط في التكليف والحكم بوجوب الاجتناب عن غير ما يرفع به الاضطرار في المحرمات والآتيان بغيره في الواجبات، حتى في صورة تقدم الاضطرار على حدوث التكليف، بدعوى ان الاضطرار انما تعلق بالجامع بين الحلال والحرام، ولم يتعلق بخصوص الحرام، فنفس الاضطرار لا يكون موجبا لرفع الحرمة، ولا وجه لرفع اليد عن حرمة الحرام المعلوم بالاجمال الا ترى انه لو اضطر إلى شرب أحد المائين مع العلم التفصيلي بنجاسة أحدهما لا يتوهم أحد رفع الحرمة عن الحرام المعلوم بالتفصيل لأجل الاضطرار إلى الجامع، فكذلك في المقام، غاية الامر ان الذي يختاره المكلف في مقام رفع الاضطرار حيث إنه مصداق للمضطر إليه فبالاختيار يرتفع حرمته ان كان هو الحرام وان كان الحرام غيره فهو باق.
وأورد على نفسه بأنه على هذا لا يبقى فرق بين الاضطرار إلى المعين والاضطرار إلى غير المعين في أن كلا منهما يوجب التوسط في التكليف أي عدم التكليف على فرض مصادفته للمضطر إليه ووجوده إذا كان غيره، فما الفارق بينهما حيث يحكم في الأول