تشريع الحكمين بخلاف ما لو كان بينهما عموم مطلق إذ جعل التكليف الثاني الذي هو أخص موردا من الأول يكون لغوا لعدم قابليته، لان ينبعث عنه العبد ولو في مورد، ولا معنى لتشريع حكم لا يصلح الانبعاث عنه، و حيث إن القاطع بالحكم يرى قطعه مطابقا للواقع ففي نظره، تكون النسبة عموما مطلقا فلا الجعل لذلك.
مع أنه يرد عليه (قده) انه لو فرضنا استحالة جعل الحكم لما يكون متعلقا لتكليف آخر، لأجل عدم امكان داعويته، لا بد من الالتزام بعدم الامكان حتى فيما كانت النسبة بين الموردين عموم من وجه إذا التكليف الثاني بما انه في بعض موارد متعلقه لا يصلح للداعوية وانبعاث العبد عنه جعله بنحو الاطلاق، بنحو يشمله أيضا لغو ولا يصح بل لا بد من تقييده بمورد الافتراق - وامكان - داعويته في مورد لا يصحح التكليف لمورد لا يصلح لذلك فتدب. ولا يتوهم، ان لازم ما اخترناه امكان تعلق الامر المولوي بالإطاعة، فإنه يدفعه ما ذكرناه في محله من أنه لهذا العنوان خصوصية لا يعقل تعلق الامر المولوي به.
اخذ القطع بمرتبة من الحكم في مرتبة أخرى منه واما المورد الرابع: وهو اخذ القطع بمرتبة من الحكم في مرتبة أخرى منه، فقد التزم المحقق الخراساني (ره) بامكانه، ولكن سيأتي انشاء الله تعالى في الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري، ان هذا امر غير معقول، إذ كل ما اخذ في الموضوع في مقام الجعل لو تحقق يصير الحكم فعليا بلا توقف على شئ آخر ولو لم يتحقق لا يصير فعليا وإلا لزم الخلف، فعدم دخل القطع في الانشاء، وعدم اخذه في الموضوع في مقام الجعل، ودخله فيه في مقام الفعلية مما لا يجتمعان.
وان شئت قلت إن ما ذكره (ره) يبتنى على ما أسسه (ره) من أن للحكم مراتب أربعا من، الاقتضاء، والانشاء، والفعلية، والتنجز، واما بناءا على المسلك الحق من أن له مرتبتين مرتبة الجعل ومرتبة الفعلية فلا يتم: وذلك لان المراد من اخذ العلم بمرتبة من الحكم، ليس هو اخذ العلم بجعل الحكم لغير القاطع فإنه ليس محل الكلام، بل المراد