الشريعة مجعولة قطعا، والشك انما هو في الجعل فيجرى استصحاب عدم الجعل، ويثبت به عدم المجعول، وقد مر في مبحث البراءة ما يمكن ان يورد على هذا الأصل والجواب عنه.
والايراد عليه، كما عن الأستاذ بأنه بعد العلم بتعلق التكليف بالأقل، اما مطلقا، أو مقيدا بالجزء المشكوك فيه يقع التعارض بين استصحاب عدم التقييد، واستصحاب عدم جعل التكليف بالأقل على نحو الاطلاق فيتساقطان.
يندفع بان استصحاب عدم جعل التكليف على نحو الاطلاق لا اثر له، لوجوب الاتيان بالأقل على كل تقدير، وفى جريان استصحاب الحكم، وعدمه يعتبر وجود اثر عملي وترتبه عليه، فلا يجرى، فيجرى أصالة عدم جعل التكليف بالمقيد بلا معارض.
واما الثاني: فتقريبه ان وجوب الواجب المردد بين الأقل والأكثر معلوم، وأمره بعد الاتيان يدور بين ما هو مقطوع الارتفاع: إذ على تقدير تعلقه بالأقل فقد ارتفع، وعلى تقدير تعلقه بالأكثر، فهو باق فيستصحب ويحكم ببقائه بناءا على ما هو الحق من جريان الاستصحاب في القسم الثاني من اقسام استصحاب الكلى.
وفيه: ان هذا الأصل وان كان في نفسه جاريا الا ان في المقام أصلا آخر حاكما عليه وهو أصالة عدم تعلق التكليف بالأكثر، غير المعارض بأصالة عدم تعلقه بالأقل لأنه لا يجرى: لعدم الأثر، وللبحث في أن استصحاب الكلى في الأحكام، محكوم للأصل الجاري في الفرد محل آخر وقد أشبعنا الكلام فيه في الجزء الرابع.
فالمتحصل مما ذكرناه ان مقتضى، البراءة العقلية، والنقلية، والاستصحاب عدم وجوب الاحتياط باتيان الأكثر.
دوران الامر بين الأقل والأكثر في الاجزاء التحليلية واما الموضع الثاني: وهو دوران الامر بين الأقل والأكثر في المركبات التحليلية فملخص القول فيها انها على اقسام.