إذا فرضنا ان المولى عمل بوظيفته وبين الحكم وجعله في معرض الوصول إلى المكلف ووصل، وكان منشأ الشك اشتباه الأمور الخارجية فلا يقبح من المولى العقاب على مخالفته إذ ليس بيان المصاديق وتعيين الجزئيات وظيفة المولى ولا يقبح منه ترك هذا البيان فإذا تم من قبله البيان انقطع حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان.
وثانيا: يرد عليه ما أوردنا على المحقق الخراساني، فان عدم الطبيعة إذا كان عين اعدام افراده، كان معنى، كن لا شارب الخمر، كن متصفا باعدام افراد تلك الطبيعة، فكل عدم لا محالة يكون محكوما بحكم ضمني، وعليه فلو شك في خمرية شئ لا محالة يكون من قبيل دوران الامر بين الأقل والأكثر الارتباطين والمرجع في ذلك المورد هو البراءة كما سيأتي.
فالمتحصل مما ذكرناه ان الأظهر عدم جريان البراءة العقلية في الشبهات الموضوعية.
واما البراءة الشرعية فالظاهر شمولها، وتفصيل القول القول في ذلك يقتضى ان يقال ان التكليف التحريمي المتعلق بالشئ الناشئ عن المفسدة في المتعلق، يتصور على وجوه أربعة.
الأول: ان يكون في كل وجود مفسدة، غير ما يكون في الافراد الاخر فلا محالة يكون كل فرد متعلقا لنهى مستقل فالافراد تعلق النهى بها معلوم، وما شك في فرديته يشك في تعلق النهى به فتجري فيه البراءة.
الثاني: ان يكون مفسدة واحدة في مجموع الوجودات بحيث يكون الجميع متعلقا لنهى واحد شخصي، وفى هذا الفرض يجوز ارتكاب جملة من الافراد المعلومة أيضا، فضلا عما شك في فرديته، إذ المفروض ان المفسدة انما تكون في مجموع الوجودات لا في كل واحد منها، وهل يجوز ارتكاب الافراد المعلومة وترك الفرد المشكوك فيه، أم لا يجوز؟ وجهان، أقواهما الأول، إذ لو ارتكب المجموع من الافراد المعلومة، والفرد المشكوك فيه يعلم بارتكاب الحرام، اما لأنها الحرام، أو لاشتمالها عليه، واما الافراد المعلومة خاصة فلا محالة يشك في حرمتها ومقتضى أصالة البراءة هو