دار غيره في الثاني: إذ الجواز حكم ضرري منفى في الشريعة.
لا يقال ان ترك الاضرار بالغير أيضا ضرري، فلزومه منفى بالشريعة.
فإنه يقال - أولا - ان عدم جواز الاضرار غير مشمول للحديث لما تقدم من عدم كون الحديث حاكما على العدميات.
وثانيا: ان ترك الاضرار ليس ضرريا، فان المفروض توجه الضرر إليه بأسبابه وانما يراد دفعه عن نفسه بايجاد المانع.
لو كان الضرر متوجها إلى الغير واما الفرع الثاني: وهو ما لو كان الضرر متوجها إلى الغير ابتداءا، ومثلوا له بما إذا أكرهه الجائر على نهب مال الغير، والا فيحمل أموال نفسه إليه، ففيه وجوه، وأقوال.
الأول: ما اختاره الشيخ الأعظم، وهو ارتفاع حرمة الاضرار بالغير مطلقا، ولو كان الضرر المتوعد به على ترك المكره عليه، أقل بمراتب من الضرر المكره عليه.
الثاني: عدم ارتفاع حرمته كذلك، أي ولو كان الضرر المتوعد به أكثر من الضرر المكره عليه.
الثالث: التفصيل بين ما إذا كان الضرر الذي توعد به أعظم، أو مساويا، فترتفع الحرمة، وبين ما إذا كان أقل فلا ترتفع.
الرابع: ما اختاره الأستاذ الأعظم، وهو التفصيل بين ما إذا كان الضرر المتوعد به أمرا مباحا في نفسه، كما إذا أكره الجائر على نهب مال الغير وجبله إليه، والا فيحمل أموال نفسه إليه، فلا ترتفع الحرمة، وبين ما إذا كان ذلك الضرر أمرا محرما، كما إذا أكرهه على أن يلجئ شخصا آخر إلى فعل محرم كالزناء، والا أجبره على ارتكابه بنفسه، فتقع المزاحمة، ويرجع إلى قواعد باب التزاحم.