ولكن ما افاده في المورد الثاني لا يتم لان الأصل انما لا يجرى فيما هو خارج عن محل الابتلاء إذا لم يترتب عليه اثر، واما مع ترتبه، كما في المقام فان نجاسة ما لاقاه من آثار نجاسته، فيجرى، مثلا إذا غسل شئ نجس بماء حين الغفلة عن نجاسته وطهارته، ثم انعدم الماء فشك في نجاسته وطهارته، فهل يتوهم أحد انه لا يجرى أصالة الطهارة في الماء ويرجع إلى استصحاب النجاسة - وبالجملة - لا ريب في جريان الأصل فيه مع ترتب الأثر عليه، وفى المقام بما انه يترتب عليه عدم نجاسة ملاقيه فيجرى فيه الأصل ويعارض مع الطرف الآخر، فهل يجرى الأصل في الملاقى بالكسر، أم لا وجهان تقدما في الصورتين السابقتين، ومنه تعرف انه لا يجرى فيه الأصل، ففي هذا المورد أيضا يجب الاجتناب عن الملاقى والملاقى.
دوران الامر بين الأقل والأكثر الارتباطيين المقام الثاني: في دوران الامر بين الأقل والأكثر الارتباطيين، وقبل الدخول في البحث واستقصاء الكلام فيه لا بد من تقديم أمور.
الأول: انه قد ظهر من أبحاثنا السابقة ان الشك ان كان في التكليف والجعل الشرعي فهو مورد لأصالة البراءة، وان كان في انطباق المجعول بعد العلم بالجعل، وفى الامتثال فهو مورد لقاعدة الاشتغال - وبعبارة أخرى - ان الشك في التكليف مورد للبرائة والشك في المكلف به مورد لقاعدة الاشتغال، والكلام في هذا المقام بعد الفراغ عن هذين الامرين يقع في الأقل والأكثر الارتباطيين بالنسبة إلى الشك في وجوب الأكثر من حيث الصغرى وانه، هل يكون من قبيل الشك في التكليف: نظرا إلى العلم بتعلق التكليف بالأقل والشك في تعلقه بالزايد عليه، أو انه من قبيل الشك في المكلف به: نظرا إلى وحدة التكليف المعلوم بالاجمال، وتردده بين ان يكون متعلقا بالأقل أو الأكثر، فيكون الشك في الانطباق وفى المكلف به.
الثاني: ان الأقل والأكثر اما استقلاليان، أو ارتباطيان، والفرق بينهما انما هو من