أصالة عدم التذكية بقى أمور مهمة لا بد من التنبيه عليها. الأول: ان موضوع البراءة هو الشك وعدم العلم، وعليه فكل أصل كان رافعا للشك تعبدا يكون مقدما على البراءة الشرعية بالحكومة من غير فرق بين الشبهة الموضوعية كما لو شك في انقلاب ما علم خمريته خلا، فان استصحاب الخمرية يرفع الشك في حرمة شربه الذي هو الموضوع للبرائة، أم كانت حكمية كما إذا شك في جواز وطء الحائض بعد انقطاع الدم وقبل الاغتسال، إذ استصحاب الحرمة على القول بجريانه، يرفع موضوع أصالة البراءة، وقد عبر المحقق الخراساني تبعا للشيخ عن هذا الأصل، بالأصل الموضوعي، باعتبار انه رافع لموضوع أصالة البراءة.
ثم إن جماعة من المحققين منهم الشيخ الأعظم، وصاحب الكفاية، رتبوا على ذلك، انه لا تجرى أصالة الإباحة والحل، في حيوان شك في حليته مع الشك في قبوله التذكية، أو ورود التذكية عليه، لارتفاع الشك في الحلية باستصحاب عدم التذكية وتنقيح القول في ذلك يتوقف على بيان مقدمات.
الأولى: ان الموت وان لم يكن مختصا بزهاق الروح حتف الانف، ولكنه ليس عبارة عن، زهاق الروح غير المستند إلى سبب شرعي، بل هو عبارة عن الزهاق المستند إلى غير السبب الشرعي، كما صرح به في مجمع البحرين، فهو امر وجودي لا عدمي.
واما التذكية، فقد وقع الخلاف في أنها، هل تكون أمرا بسيطا معنويا حاصلا من فرى الأوداج الأربعة بشرائطه، أم هي عبارة عن نفس الفعل الخارجي مع الشرائط الخاصة، الوارد على المحل القابل، بنحو يكون قابلية المحل شرطا للتأثير، أو جزءا للتذكية.
وقد اختار المحقق النائيني الثاني، واستدل له: باستناد التذكية في الآية الشريفة " الا ما ذكيتم " إلى المكلف فان نسبة التذكية إلى الفاعلين تدل على انها من فعلهم.