لا ينتهى الامر إلى الترخيص الظاهري بمناط عدم البيان، وفى المقام العقل مستقل بالترخيص بمناط الاضطرار والتكوين.
وفيه: ان المكلف بالنسبة إلى كل تكليف بالخصوص الذي هو مورد الأصل، لا يكون مضطرا في مخالفته، وانما الاضطرار بالنسبة إلى مخالفة أحدهما بنحو التخيير، والأصل انما يجرى بلحاظ الأول كما لا يخفى.
واما القول الثالث: فقد استدل له بوجوه منها: ان دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة، فحيث انه لو كان حراما، ففي فعله المفسدة ولو كان واجبا لزم من تركه فوت المصلحة، ودفع المفسدة أولى من جلب المنفعة، إذ اهتمام الشارع والعقلاء بدفع المفسدة أتم، فيتعين الترك وتقديم جانب الحرمة.
وفيه: ان العقل لا يحكم بذلك إذ ربما يكون الواجب أهم فيحكم العقل بتقديمه، ولم يرد من الشارع ما يدل عليه من آية أو رواية، مع أن هذا لو تم فإنما هو فيما إذا كانت مفسدة محرزة ومصلحة كذلك وتردد الامر بينهما، واما في المقام الذي يجرى البراءة كما هو الحق، ويدفع الحرمة فكيف يمكن ان يحكم العقل بتقديم جانب الحرمة، كيف ولو لم يحتمل الا الحرمة وكان المحتمل الاخر هو الإباحة لجاز الفعل ومخالفة الحرمة على تقدير وجودها، ولا يجوز ذلك فيما لو كان المحتمل الاخر هو الوجوب.
ومنها: المرسل المروى عن الامام على أمير المؤمنين (ع) اجتناب السيئات أولى من اكتساب الحسنات، وقوله (ع) أفضل من اكتساب الحسنات اجتناب السيئات.
وفيه: أولا انه ضعيف السند - وثانيا - انه انما هو فيما كانت الحرمة والوجوب محرزتين، لا في مثل المقام مما دار الامر بينهما، وثالثا انه بهذه الكلية لا تتم قطعا، ورابعا، انه لا يدل على التعيين.
ومنها: ان افضاء الحرمة إلى مقصودها أتم من افضاء الوجوب إلى مقصوده، لان مقصود الحرمة يتأتى بالترك سواء كان مع قصد، أم غفلة بخلاف فعل الواجب.
وفيه: ان هذا لا يوجب أهمية الحرمة وتعين تقديمها.
ومنها: الاستقراء فإنه في موارد اشتباه مصاديق الواجب والحرام غلب الشارع