على استمرارية التخيير من جهة أخرى، وهي انه من العلم الاجمالي بالالزام المردد بين الوجوب والحرمة، والعلم بتساوي الافراد في الحكم، يتولد علمان اجماليان آخران، أحدهما: العلم بوجوب الفعل في ليلة الجمعة الأولى، أو حرمته في الليلة الثانية، ثانيهما عكس ذلك، وهذان العلمان وان لم يمكن موافقتهما القطعية الا انه يمكن مخالفتهما القطعية، بالفعل في الأولى، والترك في الثانية أو العكس، وقد مر ان العلم الاجمالي ينجز بالمقدار الممكن من الموافقة أو المخالفة وعليه، فلا مناص عن كون التخيير بدويا.
ولكن يمكن ان يقال ان هذين العلمين يتعارض المخالفة القطعية لكل منهما مع الموافقة القطعية للاخر، وحيث إن المكلف مضطر إلى أحدهما إذ لو اتى بالفعل في إحدى الليلتين وتركه في الأخرى، فقد وافق أحد العلمين، وخالف الاخر، فوجوب الموافقة القطعية لكل منهما يزاحم المخالفة القطعية للاخر، فيتساقطان، فلا اثر لهذين العلمين أيضا، فالأظهر ان التخيير استمراري لا بدوي.
في الشك في المكلف به الفصل الثالث: في المكلف به مع العلم بالتكليف اجمالا وملخص القول فيه انه لو علم اجمالا بتعلق التكليف من الايجاب والتحريم بشئ، فتارة يتردد ذلك الشئ بين المتباينين، وأخرى بين الأقل والأكثر فلا مناص من البحث في مقامين.
الأول: في دوران الامر بين المتباينين وقبل الشروع في بيان ما هو الحق لا بد وان يعلم أنه قد مر في مبحث العلم الاجمالي في القطع ان هذه المسألة معنونة في مباحث القطع وفى مباحث الشك، وان المناسب للبحث في القطع هو البحث عن كون العلم الاجمالي بالنسبة إلى وجوب الموافقة القطعية، وحرمة المخالفة القطعية، هل يكون بنحو العلية، أو بنحو الاقتضاء، ثم بعد الفراغ عن كونه مقتضيا بالنسبة إلى كلا الحكمين أو خصوص الأولى منهما يبحث في مبحث الاشتغال عن ثبوت المانع وعدمه.
لا ما افاده الشيخ الأعظم من أن المناسب لمباحث العلم هو البحث عن الحكم