وفيه: انه لا ينحصر فائدة الانذار في خصوص التحذر، بل يتصور له فائدة أخرى، وهي انشاء الحق وظهوره بكثرة انذار المنذرين، كما افاده المحقق الخراساني (ره) في الحاشية، وان شئت قلت إنه إذا كانت الغاية الأقصى هو التحذر بعد حصول العلم يكون كل انذار جزءا مما يترتب عليه الغاية فيكون الغاية المترقبة منه تأثيره في الغاية الأقصى بهذا المقدار، وهذه الغاية مترتبة مطلقا فتدبر.
ومع ذلك كله يمكن الاستدلال بالآية الكريمة لحجية خبر الواحد، بتقريب ان كلمة لعل وضعت لجعل مدخولها واقعا موقع الاحتمال، فحاصل الآية ايجاب الانذار لاحتمال تأثيره في التحذر نظرا إلى اقتضاء الانذار للتحذر، ومن الواضح ان ذلك يلازم حجية الخبر، والا يقطع بعدم العقاب، وعلى هذا تكون الآية كاشفة عن حجية خبر الواحد السابقة على نزول الآية ويكون مسوقة على نحو تكون حجية الخبر مفروغا عنها، وعليه تكون الآية كاشفة عن حجية الخبر مطلقا، وان وجوب الحذر عند الانذار انما هو من باب تطبيق الكبرى الكلية على بعض المصاديق.
آية الكتمان الثالث: مما استدل به لحجية خبر الواحد آية الكتمان وهي قوله تعالى " ان الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون (1) ".
وتقريب الاستدلال بها ان ظاهر الآية الشريفة لأجل لعن الكاتمين، هو حرمة الكتمان ووجوب الاظهار، وحيث لا فائدة للاظهار سوى القبول لزم ذلك وجوب القبول مطلقا، نظير ما ذكرناه في آية النفر، ونظير ما استدلوا لحجية اخبار المرأة عن كونها حاملا بقوله تعالى ولا يكتمن ما خلق الله في أرحامهن.