اما الأول: فالأقوال فيه ثلاثة. 1 - جريان البراءة العقلية والنقلية في الأكثر، ذهب إليه الشيخ الأعظم (ره) وجماعة 2 - عدم جريان البراءة العقلية والنقلية 3 - التفصيل بين البراءة العقلية فلا تجرى وبين البراءة النقلية فتجري، اختاره، المحقق الخراساني والمحقق النائين، فالكلام في جهتين، الأولى في جريان البراءة العقلية وعدمه، الثانية في جريان البراءة النقلية وعدمه.
جريان البراءة العقلية في الأقل والأكثر اما الجهة الأولى: فقد استدل له الشيخ الأعظم (ره) بانحلال العلم الاجمالي بوجوب الأقل والأكثر، بالعلم بوجوب الأقل المردد بين النفسي والغيري، إذ لو كان الأقل واجبا، فوجوبه نفس، ولو كان الأكثر واجبا، فوجوب الأقل غيري، والشك في وجوب الأكثر فيجرى فيه البراءة العقلية.
ويرد عليه ما حققناه في بحث وجوب المقدمة من استحالة اتصاف الاجزاء بالوجوب الغيري، إذ ليس للمركب وجود غير وجود الاجزاء كي يتوقف عليه توقف وجود الشئ على وجود غيره، والوجوب الغير ناش عن توقف وجود على آخر، وتمام الكلام في محله.
واما الايراد عليه بعد تسليم كون وجوب الأقل معولما اما نفسيا أو غيريا، بأنه لا يوجب انحلال العلم الاجمالي، لأنه يعتبر في الانحلال كون المعلوم بالتفصيل من سنخ المعلوم بالاجمال، والمقام ليس كذلك، لان المعلوم بالجمال هو الوجوب النفسي، والمعلوم بالتفصيل هو الوجوب الجامع بين النفسي والغيري.
فيمكن دفعه لان ذلك وان لم يكن انحلالا حقيقيا ولكنه انما يكون في حكم الانحلال: فان الميزان هو جريان الأصل في أحد الطرفين دون الاخر، وفى المقام مع قطع النظر عن ما ذكرناه بما ان الأقل وجوبه معلوم، لا يجرى فيه الأصل، فيجرى في الأكثر بلا معارض.