وان كان الظن غير معتبر فقد اختار المحقق الخراساني جوازه، من جهة ان المحذور المتوهم ليس الا اجتماع الضدين وهو مندفع بان الحكم الواقعي الذي تعلق به الظن لا يكون فعليا من جميع الجهات، بل العلم به دخيل في فعليته، وهذا النحو من الحكم لا ينافي مع الحكم المجعول للظن الذي يكون فعليا لما سيأتي من التحقيق في التوفيق بين الحكم الظاهري والواقعي.
وفيه: انه ستعرف من أن الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي انما يكون، من جهة ان الحكم الظاهري سنخ حكم يجتمع مع الحكم الواقعي، وفى المقام يكون كلا الحكمين واقعيين فلا يمكن اجتماعهما وحيث إن اطلاق الحكم الواقعي شامل لصورة مصادفة الظن وتعلقه به، فيلزم عند المصادفة اجتماع الضدين وهو محال - وان شئت قلت - انه عند اجتماع العنوانين ووجود مصلحة ملزمة في الفعل باعثة إلى جعل الوجوب ومفسدة حادثة بواسطة الظن به باعثة إلى جعل الحرمة يتزاحم الملاكان، فان كان أحدهما أقوى يكون هو المؤثر دون الاخر، ومع التساوي لا بد من الحكم بالإباحة فتحصل ان اخذ الظن بالحكم في موضوع ضد ذلك الحكم لا يمكن مطلقا.
وجوب موافقة القطع التزاما الموضع الخامس: قال في الكفاية هل تنجز التكليف بالقطع كما يقتضى موافقته عملا يقتضى موافقته التزاما والتسليم له اعتقادا وانقيادا كما هو اللازم في الأصول الدينية والأمور الاعتقادية انتهى.
أقول ان هذا البحث انما انعقد لبيان انه، هل يكون من ناحية وجوب الموافقة الالتزامية مانع من جريان الأصول في أطراف العلم الاجمالي إذا كانت الأصول جارية في أنفسها مع قطع النظر عن هذه الجهة، أم لا؟ فالكلام يقع في جهتين، الأولى، انه هل تجب الموافقة الالتزامية أم لا؟ الثانية، انه على فرض الوجوب هل يمنع ذلك عن جريان الأصول أم لا؟ وقبل التعرض للبحث في الجهتين لا بد من بيان أمرين.