محرم آخر، وهو ما إذا كان الضرر المتوعد به أمرا محرما، وحينئذ فلا بد من الرجوع إلى مرجحات باب التزاحم، فالأظهر هو القول الرابع في مفروض المثال.
واستدل للثالث: بان نسبة جميع الناس إلى الله سبحانه نسبة واحدة، فالكل بمنزلة عبد واحد، فالضرر المتوجه إلى أحد الشخصين كأحد الضررين المتوجه إلى شخص واحد فلا بد من ملاحظة أقل الضررين وعند التساوي يحكم بالتخيير.
وفيه: انه إذا كان الضرر المتوعد به أمرا مباحا في نفسه كيف يحكم بالتخيير بين ذلك وبين الامر المحرم وهو الاضرار بالغير، مع أنه وجه اعتباري استحساني لا يعتمد عليه.
والحق في المقام ان يقال انه إذا كان الضرر بحسب طبعه متوجها إلى الغير كما إذا توجه السيل إلى دار الجار لا اشكال في عدم وجوب تحمل الضرر لدفعه عنه، فان الضرر في الفرض ليس من فعله كي يشمله دليل حرمة الاضرار.
ولكن مسالة الاكراه ليست من هذا الباب، فان الاكراه انما يوجب تخيير المكره بين الاضرار بالغير، وبين تحمل الضرر على فرض العدم، فلا يكون من توجه الضرر إلى الغير ابتداء، واما في مسالة الاكراه فقد ظهر مما حققناه قوة الوجه الرابع.
حكم ما لو توجه الضرر من غير ناحية الحكم واما الفرع الثالث: وهو ما إذا كان الضرر متوجها إلى أحد شخصين، وكان ذلك مع قطع النظر عن الحكم الشرعي، كما إذا حصلت دابة في دار لا يخرج الا بهدم ولم يكن حصولها من أحدهما ولا بتفريط منه، أو أدخلت دابة رأسها في قدر وافتقر اخراجها إلى كسر القدر ولم يكن من أحدهما تفريط.
فهو خارج عما نحن فيه ولا يشمله حديث لا ضرر ولا ضرار، لأنه انما ينفى الحكم الناشئ منه الضرر ان الموضوع الضرري، ولا يشمل ما إذا كان الضرر متوجها مع قطع النظر عن الحكم.