اطلاق أدلة الأصول، الشامل لأطراف العلم الاجمالي كون الغرض من قبيل الثاني وكون الحكم فعليا من جهة.
إذا عرفت هذه المقدمة يظهر اندفاع التوهم المذكور فإنه في مبحث الاشتغال يصرح بأنه علة تامة إذا تعلق بالتكليف الفعلي من جميع الجهات، واما كلامه في المقام، فهو فرع عدم احراز ذلك، فمن جريان الأصول يستكشف كون التكليف فعليا من جهة.
هل العلم الاجمالي منجز للتكليف، أم لا؟
وكيف كان فالبحث في كل من الموردين، أي البحث في حرمة المخالفة القطعية، ووجوب الموافقة القطعية في المقام يقع في موردين - الأول في أن العلم الاجمالي هل يكون منجزا للتكليف في الجملة أم لا؟ - وبعبارة أخرى - هل العقل يرى العلم الاجمالي بيانا كالعلم التفصيلي كي لا يجرى معه قاعدة قبح العقاب بلا بيان أم لا؟ الثاني في أن تأثير العلم الاجمالي في التنجز، هل هو بنحو الاقتضاء، أو العلية، بمعنى انه هل يمكن للشارع الا قدس ان يرخص في المخالفة القطعية أو الاحتمالية، أم لا؟ فالكلام يقع في مباحث أربعة.
المبحث الأول: في تأثير العلم الاجمالي في حرمة المخالفة القطعية وعدمه، وقد يقال انه يعتبر في حكم العقل بقبح المخالفة ان يكون المكلف عالما بالمخالفة حين العمل لعدم تحقق العصيان الا مع العلم بها، ولا يكفي في حكم العقل بالقبح احتمال التكليف حين الارتكاب، ولا حصول العلم بالمخالفة بعد ارتكاب الجميع، ولذا في الشبهات البدوية مع احتمال التكليف يجوز الارتكاب تمسكا بأصالة البراءة، ولا مانع من تحصيل العلم بحرمة ما فعله بالسؤال أو بغير ذلك - وعلى الجملة العقل انما يستقل بقبح الاقدام على العمل إذا علم حينه انه مخالفة للمولى، واما الاتيان بأمور يعلم بعد ارتكابها انه خالف المولى فيها، ويكون حين العمل شاكا في ذلك، فلا يستقل العقل بقبح الاقدام عليها.