مع أنه لو سلم تذيل تلك النصوص بهذا الذيل، ثبوت الخيار في غير مورد الضرر لازمه فرض الضرر حينئذ حكمة التشريع، وهذا امر يمكن الالتزام به في تلك النصوص، بخلاف الأحكام التي يلتزم بنفيها من جهة كونها ضررية لما دل على نفى الضرر، فتدبر فإنه دقيق.
العبادات الضررية مشمولة للحديث التنبيه الثاني: هل الحديث يشمل العبادات الضررية، أم لا؟ وجهان وقد استدل للثاني بوجهين.
1 - انه في بعض النصوص كلمة، على مؤمن، موجودة في ذيل جملة لا ضرر ولا ضرار، والظاهر منها، حينئذ ان المنفى هو الحكم الذي يتضرر به الغير، واما ما يتضرر به الانسان نفسه، كما في العبادات الضررية، فخارج عن تحت تلك الجملة.
وفيه: انه قد عرفت عدم وجود كلمة على مؤمن في شئ من الاخبار، الا في مرسل ضعيف غير حجة، فالقيد الموجب لخروج العبادات الضررية، غير ثابت.
مع أنه لو سلم وجودها في نص معتبر، بما ان هناك ما يكون مطلقا ولا يحمل المطلق على المقيد في المثبتين، ففي العبادات الضررية يتمسك بالنص المطلق لنفى أحكامها.
2 - ان الضرر هو النقص في المال أو النفس أو ما يتعلق به مع عدم حصول نفع في مقابله، واما ما يحصل في مقابله نفع، فلا يكون ضررا، ومعلوم ان الامر بالشئ في حال الضرر. الثابت بعموم الدليل أو اطلاقه، يدل على العوض، فلا يكون ضررا.
وأجيب عنه: بان الامر متعلق بنفس تلك الماهية كالصلاة ولازمه تحقق الاجر في مقابل تلك الماهية، واما حصول عوض في مقابل الضرر واجر له فلا دليل عليه.
وأورد عليه الشيخ الأعظم بأنه لو سلم وجود النفع في ماهية الفعل أو في مقدماته، كان الامر بذلك الفعل أمرا بالتضرر أمرا بالتضرر والاجر بإزائه.