والتقليد طريق إليه فبعد مطابقة عمله، لفتوى من يجب الرجوع إليه يكون عمله مطابقا للواقع بحسب الطريق، كما أن عمله ان كان مطابقا لفتوى من كان يجب الرجوع إليه حين العمل كان عمله مطابقا للحجة، إذ لا يعتبر في الموافقة للحجة العلم بالمطابقة ولا الاستناد إليها وتمام الكلام في مبحث الاجتهاد والتقليد.
حكم ما لو احتمل الابتلاء بقى التنبيه على أمور الأول: انه بعد ما لا ريب في عدم لزوم الفحص فيما إذا اطمئن بعدم الابتلاء بالواقعة التي لا يعلم حكمها، يقع الكلام فيما إذا احتمل الابتلاء، وقد استدل لعدم لزوم الفحص حينئذ باستصحاب عدم الابتلاء، بناءا على جريانه في الأمور الاستقبالية كما هو الحق.
وأورد عليه المحقق النائيني (ره)، بان الاستصحاب انما يجرى فيما إذا كان المستصحب بنفسه اثرا شرعيا أو موضوعا ذا اثر شرعي، واما إذ كان الأثر مترتبا على نفس الشك والاحتمال، فلا مورد لجريان الاستصحاب، والمقام من قبيل الثاني: فان الأثر المرغوب هو وجوب التعلم من باب وجوب دفع الضرر المحتمل، وهذا مترتب على احتمال الابتلاء دون واقعه فلا يجرى فيه الأصل.
وفيه: ان وجوب التعلم انما ثبت من باب إطاعة المولى، ويكون وجوبه ارشاديا كما مر آنفا - وعليه - فإذا جرى الاستصحاب وحكم بعدم الابتلاء يترتب عليه الأثر - وبعبارة أخرى - ان الموضوع لوجوب الفحص والتعلم هو الابتلاء.
وأورد عليه بعض الأكابر بان الاستصحاب يختص بالأمور الماضية، فعدم الابتلاء في المستقبل لا يكون مشمولا لأدلته.
وفيه: ان الميزان في جريان الاستصحاب تقدم زمان المتيقن على زمان المشكوك فيه من غير فرق بين الأمور الماضية والاستقبالية وسيجئ تحقيق القول فيه في بحث الاستصحاب.