حول دليل الانسداد الوجه الرابع: هو الدليل المعروف بدليل الانسداد، وتنقيح القول فيه بالبحث في جهات، الأولى في بيان أصل المقدمات التي يتألف منها هذا الدليل، الثانية في النتيجة المرتبة عليها، الثالثة في تمامية المقدمات وعدمها.
اما الجهة الأولى: فأفاد الشيخ الأعظم انها أمور أربعة. الأول: انسداد باب العلم والظن الخاص في معظم المسائل الفقهية. الثاني: انه لا يجوز لنا اهمال الأحكام المشتبهة وترك التعرض لامتثالها أصلا. الثالث: انه لا يجب الاحتياط التام في جميع الشبهات، اما لعدم امكانه، أو لاستلزامه اختلال النظام أو العسر، ولا يجوز الرجوع إلى الأصل الجاري في كل مسالة ولا إلى القرعة، ولا إلى فتوى من يرى انفتاح باب العلم أو العلمي - الرابع - انه لا يجوز التنزيل إلى الشك أو الوهم لقبح ترجيح المرجوح على الراجح.
وأضاف إليها المحقق الخراساني (ره) أمرا آخر، وجعل المقدمات خمسا وهو انه يعمل اجمالا بثبوت تكاليف كثيرة فعلية في الشريعة.
والحق مع المحقق الخراساني إذ مع اسقاط تلك المقدمة لا يبقى مجال للمقدمات الاخر الا بنحو السالبة بانتفاء الموضوع، ومجرد كونها واضحة لدلالة ساير المقدمات عليها لا يصلح وجها لاسقاطها، والا كان بعضها الاخر كذلك.
واما ما افاده الأستاذ تبعا للمحقق النائين (ره) بان المراد من العلم بثبوت التكاليف ان كان هو العلم بثبوت الشريعة وعدم نسخ أحكامها، فهذا من البديهيات التي لا ينبغي عدها من المقدمات، فان العلم بذلك كالعلم بأصل وجود الشارع، وان كان المراد منه هو العلم بثبوت احكام في الوقايع المشبهة التي لا يجوز اهمالها فهذه المقدمة هي بعينها المقدمة الثالثة في كلام المحقق الخراساني الثانية في كلام الشيخ.
فيرد عليه ان المراد به هو العلم بفعلية الأحكام، وهو لا يرجع إلى الامر الثالث فان ذلك الامر انما هو لزوم امتثال الأحكام على فرض وجودها وهذا انما يكون هو العلم