امارات منجزة أو مثبتة للحكم الظاهري بذلك المقدار، يكونان متقارنين، ومثل هذا العلم الاجمالي لا يكون منجزا من الأول، إذ التكليف لو كان في أحد أطراف العلم منجزا قبل العلم أو مقارنا معه، أو محكوما بحكم آخر كذلك، والجامع عدم جريان الأصل النافي في ذلك الطرف، كما لو علم بنجاسة أحد الانائين وقبله أو مقارنا معه علم تفصيلا بنجاسة أحدهما المعين، أو كانت نجاسته موردا للاستصحاب يجرى الأصل في الطرف الآخر، بلا معارض وبيان السر في ذلك موكول إلى محله.
وعليه ففي المقام بما انه لا يجرى الأصل النافي في جملة من الموارد وهي موارد قيام الامارات يجرى الأصل النافي في الأطراف الاخر بلا معارض.
فتحصل ان العلم الاجمالي لا يمنع من جريان الأصل، والغريب ان عين هذا البرهان يقتضى عدم جريان الأصل في الشبهة الوجوبية، مع أن الأخباريين قائلون بجريانه فيها، ولعلهم لم يستندوا في المقام إلى هذا الوجه.
الوجه الثاني من تقريب حكم العقل هو ما ذكره بعضه من استقلال العقل بالحظر في الافعال غير الضرورية قبل الشرع، ولا أقل من الوقف، إذ هو في مقام العمل مثل الحظر فيعمل به، حتى يثبت من الشرع الإباحة، ولم يرد الإباحة فيما لا نص فيه، وما دل على الإباحة على تقدير تسليم دلالته معارض بما ورد من الامر بالتوقف والاحتياط فالمرجع هو الأصل.
ويرد عليه، أولا: ان الأصل في الأشياء قبل الشرع هو الإباحة دون الحظر كما ذهب إليه الأكثر. وثانيا: انه قد مر ثبوت الترخيص فيما لا نص فيه، وعدم معارضته بما دل على التوقف أو الاحتياط.
وأجاب عنه المحقق الخراساني (ره) بجوابين آخرين وتبعه غيره. أحدهما: انه لا وجه للاستدلال بما هو محل الخلاف والاشكال، والا لصح الاستدلال على البراءة بما قيل من كون تلك الأفعال على الإباحة.