حكم تصرف المالك في ماله بدون الحاجة مع تضرر الغير به ثم انه ينبغي التعرض لفرع يناسب المقام، وهو انه إذا كان تصرف المالك في ماله مستلزما لتضرر جاره، ولم يكن التصرف لدفع ضرر متوجه إليه، ولا لجلب منفعة ولم يكن له فيه غرض عقلائي، بل يكون عبثا ولغوا، فهل يجوز هذا التصرف لعموم دليل السلطنة، أم لا يجوز لقاعدة نفى الضرر فإنها تنفى سلطنة المالك وإباحة تصرفه في ماله، أم يجوز مع الضمان وجوه.
ظاهر كلمات الأصحاب هو الثاني، فان جماعة منهم كالعلامة في التذكرة، والشهيد في الدروس، قيدوا جواز تصرف المالك فيما له، بما يتضرر به جاره، بما جرت به العادة، وجماعة آخرين كالمحقق الثاني بصورة دعاء الحاجة، بل العلامة في التذكرة استدل للجواز في المسألة المشار إليها: بان منعه عن عموم التصرف ضرر منفى، ولا شك ان منعه عن هذا التصرف ليس ضررا.
وهذا هو الحق: فان قاعدة السلطنة وان اقتضت جواز تصرف المالك في ماله كيف شاء وان تضرر الغير به، الا ان حديث لا ضرر حاكم عليه كحكومته على ساير أدلة الأحكام.
وقد استدل بعض تبعا لسيد الرياض للجواز بعموم ما دل على تسلط الناس على أموالهم (1) وأجاب عن ما في الكفاية من اشكال معارضته مع قاعدة لا ضرر بان النسبة بنيهما عموم من وجه والترجيح مع الأول للشهرة، وانه لو سلم التكافؤ فالمرجع أصالة الإباحة.
ولكن قد عرفت ان أدلة نفي الضرر حاكمة على دليل السلطنة فلا معنى للرجوع إلى ما دل على الترجيح، ولا للتساقط والرجوع إلى الأصل.