ومن غريب ما أفاد، ان ما دل على أن الناس مسلطون على أموالهم من الخبر المتواتر، مع أنه خبر واحد مروى عن طرق العامة، ولكنه معمول به فضعفه منجبر بالعمل، ثم إن الظاهر أنه لو تصرف فيه وتضرر الجار من دون ان يتلف منه مال، لا وجه للحكم بضمانه، ولا يثبت بقاعدة نفى الضرر الضمان كما مر مفصلا.
واما معارضة القاعدة مع دليل نفى الاكراه فسيجئ الكلام فيها.
لو دار الامر بين حكمين ضرريين بالنسبة إلى شخص واحد واما المورد الثالث: وهو ما لو تعارض حكمان ضرريان، فمسائله ثلاث. الأولى:
لو دار امر شخص واحد بين ضررين، بحيث لا بد من تحمل أحدهما، أو ايراد أحدهما، كما لو أكره على الاضرار بشخص، اما بهذا الضرر، أو بذاك، الثانية، ما لو دار الامر بين الاضرار بأحد الشخصين، كما لو أكره على ذلك، الثالثة ما لو دار الامر بين تحمل الضرر، أو ايراد الضرر على الغير.
اما المسألة الأولى: فكلمات الأصحاب في فروع هذه المسألة التي تعرضوا لها في كتاب الغصب، واحياء الموات وغيرهما مضطربة، ولكن الشيخ جزم في الرسالة بلزوم الترجيح بالأقلية، ومع التساوي فالتخيير.
قال فان كان ذلك بالنسبة إلى شخص واحد فلا اشكال في تقديم الحكم الذي يستلزم ضررا أقل مما يستلزمه الحكم الاخر، لان هذا هو مقتضى نفى الحكم الضرري عن العباد فان من لا يرضى بتضرر عبده لا يختار له الا أقل الضررين عند عدم المناص عنهما انتهى، وقد جزم بذلك صاحب الكفاية (ره).
وملخص القول في المقام انه ان كان الضرران، مباحين تخير في اختيار أيهما شاء وهو واضح.
وان كان أحدهما محرما، والاخر مباحا اختار المباح، إذ لا وجه لسقوط الحرمة كما لا يخفى.