قلت إن البطلان ليس حكما شرعيا، وانما هو ينتزع من عدم انطباق موضوع الحكم على الموجود الخارجي، وعدم تحقق الزوجية انما يكون من آثار عدم تحقق موضوعها لا تحقق غيره فلا يكون من آثار ما وقع ليرتفع بالحديث.
الحسد والطيرة و...
المورد الثالث: في الثلاثة الأخيرة المذكورة في الحديث، الحسد، والطيرة والوسوسة في التفكر في الخلق، وملخص القول فيها ان المرفوع فيها انما هو نفس الحكم المترتب عليه لولا الرفع.
توضيح ذلك أن الحسد عبارة عن صفة رذيلة في النفس موجبة لكراهة كون غيره من الاخوان متنعما، وحب زوال النعمة عنهم، أو مقتضاها واثره، وهذا من حيث إنه يمكن رفعه بالمجاهدات وعدم التفتيش في أمور الناس والتدبير فيما يترتب عليه من المفاسد الدينية والدنيوية وما يصل إلى المحسود من المنافع قابل لتعلق التكليف بتحريمه أو وجوب رفعه، فقد رفعه الشارع الا قدس ما لم يظهر باللسان أو اليد ولم يتبع، ويؤيد ذلك النصوص الكثيرة الواردة في الحسد.
واما الطيرة وهي التشام بالطير أو غيره وكان ذلك يصد هم عن مقاصدهم، فقد رفعها الشارع وأخبر، انه ليس لها التأثير في جلب النفع أو دفع الضرر، وان هذا المعنى بنفسه وان كان فيه مقتضى وضع الحرمة لكونه موجبا للشرك واختياري، الا ان الشارع الا قدس رفع الحرمة عنه، ما لم يعمل على طبقه، ويمكن ان يكون المراد برفعه ان الشارع الأقدس لم يمض ما كان عليه بناء العرف من الالتزام بالصد عن المقاصد عنه التطير.
واما الوسوسة في التفكر في الخلق، فيمكن ان يكون المراد بها وسوسة الشيطان عند التفكر في مبدأ الخلق، وانه من خلق الخالق ونحوه، وعلى أي تقدير فقد رفع الشارع حرمتها وحكمها، وتمام الكلام في كل واحد من هذه الثلاثة موكول إلى محل آخر.