لا ريب في وجود العلم الاجمالي بوجود واجبات ومحرمات في الشريعة المقدسة ومقتضى هذا العلم الاجمالي لزوم فعل كل ما احتمل وجوبه وترك كل ما احتمل حرمته، غاية الامر ثبت بدليل آخر عدم وجوب الاحتياط في الشبهات الوجوبية والموضوعية وتكون الشبهات التحريمية الحكمية باقية تحت ما يقتضيه العلم الاجمالي، وأجيب عن هذا بأجوبة.
الأول: ما افاده المحقق الخراساني وحاصله بعد النقض والابرام، ان العلم الاجمالي كما ينحل حقيقة بالعلم التفصيلي والشك البدوي، كذلك ينحل حكما بقيام الحجة التي حقيقتها المنجزية والمعذورية على أحد الأطراف، إذا كان بمقدار ينطبق عليه المعلوم بالاجمال، إذ حقيقة جعل الحجية على هذا، جعل المنجزية إذا كان الواقع في مورد الحجة والمعذورية إذا كان في الطرف الآخر، ففي الحقيقة يصرف تنجز الواقع الثابت بالعلم، إلى ما إذا كان في ذاك الطرف ويعذر إذا كان في ساير الأطراف، ونظير المقام قيام الامارة على كون أحد الانائين المعلوم كون أحدهما الذي هو اناء زيد نجسا اناء زيد.
وفيه: ان لسان الحجة القائمة في بعض الأطراف، ان كان كون الواقع المعلوم بالاجمال في هذا، الذي كون لازمه عدم كونه في ساير الأطراف، كما هو الشأن في المثال فإنها كما تدل على أن هذا اناء زيد تدل بالالتزام على عدم كون الاخر انائه، تم ما ذكر، وكان من قبيل جعل البدل، وأما إذا لم يكن كذلك كما هو الصحيح، فان الحجة انما تدل على ثبوت الحكم في مؤداها بلا عنوان ولا علامة غير المنافى لثبوته في ساير الأطراف، فلا تكون الحجة صارفة للتنجز وموجبة للعذر إذا كان هناك حكم في ساير الأطراف.
الثاني: ما افاده الشيخ الأعظم (ره) وهو منع تعلق تكليف غير القادر على تحصيل العلم، الا بما أدى إليه الطرق، فلا يكون ما شك في تحريمه مما هو مكلف به فعلا على تقدير حرمته واقعا.
وفيه: ان مجرد نصب الطرق لا يفيد ان الشارع لم يرد من الواقع الا ما ساعد عليه