وفيه: ان مناط الحظر وهو عدم ثبوت الاذن موجود فيما هو محل الخلاف، واما مناط الإباحة فليس كذلك، فان عدم المنع عن فعل علم عدم ورود المنع عنه شرعا، لا يستلزم عدم المنع عنه مع فرض احتمال المنع عنه.
الثاني: ما محصله ان العقل انما يحكم بالحظر في تلك المسألة لعدم قابلية المورد للبيان لكونه قبل الشرع والشريعة، فلا تجرى قاعدة قبح العقاب بلا بيان وهذا بخلاف، ما هو محل الخلاف المفروض فيه ثبوت الشرع والشريعة، وقابلية المورد للبيان، فمع عدم بيان الشارع، يستقل العقل بقاعدة قبح العقاب بلا بيان.
وفيه: ان استقلال العقل بذلك، واحراز عدم العقاب على مخالفة المنع الشرعي على فرض وجوده، لا ينافي مع الخطر، والمنع المالكي، الذي هو بمناط انه بمقتضى قانون المملوكية والعبودية، لا بد وأن يكون جميع أفعال المملوك عن اذن سيده، لئلا يخرج عن ذي الرقية، إذ هذا المناط بعينه موجود فيما هو محل الخلاف، وعدم العقاب لعدم المنع الشرعي، لا ينافي المنع لجهة أخرى، فتدبر.
الوجه الثالث: ان الاقدام على ما لا يؤمن المفسدة فيه كالاقدام على ما يعلم المفسدة فيه، وهذا الوجه ربما يستدل به للاحتياط فيما هو محل الكلام، وهو الظاهر من الكفاية، وربما يستدل به للقول بالحظر في مسالة الحظر والإباحة، كما نسب إلى الشيخين وغيرهما على ما في رسائل الشيخ الأعظم (ره) اما الأول: فقد مر في ذيل قاعدة قبح العقاب تقريبه وما يرد عليه.
واما الثاني: فيرد عليه ان المفسدة ان كانت بالغة مرتبة التأثير في الحرمة، فلا ربط له بتلك المسألة، إذ هي انما تكون في فرض خلو الواقعة عن الحكم الشرعي، وانه هل يستقل العقل بالحظر ان الإباحة، مع احراز عدم المنع من الشارع، وان لم تكن بالغة تلك المرتبة، فلا يكون الاقدام على ما فيه المفسدة فضلا عما يحتمل فيه ذلك منافيا لغرض المولى ليكون خروجا عن ذي الرقية، وبدونه لا استقلال للعقل على قبح الاقدام المذكور، ودعوى ان أصل الاقدام من دون اذن المولى خروج عن ذي الرقية لأنه تصرف في ملك المولى بدون اذنه، مندفعة بان ذلك يرجع إلى الوجه الثاني وهو باطل على ما حقق في محله.