العقلاء قد عملوا بخبر الوليد حتى نزلت الآية فحمل الجهالة على السفاهة يلزم، اما الالتزام بعدم كونهم من العقلاء، أو عدم شمول الآية للمورد، وهما كما ترى، فلا محالة يكون المراد بها عدم العلم.
وفيه: ان السفاهة على قسمين. الأول: فعل ما لا يصدر من العقلاء أصلا. الثاني: انه يصدر ولكنه مع الغفلة عن كونه من مصاديق كبرى كلية خاصة، نظير من يعلم أنه لا يقدر على أن يسبح في الشط الذي عرضه مائة ذراع، ولكنه غفلة عن كون هذا الشط عرضه هذا المقدار يقدم على ذلك - وبالجملة - صدور عمل السفهاء من العقلاء في غاية الكثرة، كما يظهر من ملاحظة حال العصاة، أترى العصيان من ذي العقلاء بما هم عقلاء كلا.
الثاني: ما افاده المحقق النائيني (ره) من حكومة المفهوم على عموم العلة - توضيح ذلك - ان العلة بعمومها متعرضة لبيان الردع عن العمل بغير العلم ولا نظر له إلى عقد الوضع، كما هو الشأن في كل دليل، والمفهوم الدال على حجية خبر العادل المستلزم لتنزيل خبر العادل منزلة العلم، وجعله من افراد العلم، يوجب، خروج خبر العادل عن موضوع التعليل، فيكون حاكما عليه، ولا يلاحظ النسبة بين الحاكم والمحكوم، بل الحاكم يقدم في جميع الصور.
وأورد عليه بايرادات أحدهما ما افاده المحقق البروجردي، وهو انه على فرض ثبوت المفهوم، يكون حاكما على عموم العلة، ولكن الكلام في ثبوته، والمدعى ان عموم العلة مانع عن انعقاد الظهور لهذه القضية الشرطية.
وفيه: ان مانعيته عن انعقاد الظهور لها، فرع ثبوت التنافي بين المفهوم، وعموم العلة، والا فلا وجه لمانعيته كما لا يخفى، ونحن تبعا للمحقق النائيني (ره)، ندعي انه لا تمانع ولا تدافع بينهما إذ كل منهما متكفل لبيان شئ، ولا ربط لمفاد أحدهما بالآخر، إذ المفهوم انما يثبت الحجية لخبر العادل، ويجعله علما تعبدا وطريقا تاما، والعلة متكفلة لبيان الحكم، وانه لا يجوز اتباع ما ليس بعلم - وبعبارة أخرى - أحدهما متكفل لعقد الوضع، والاخر لعقد الحمل، فأي تمانع بينهما ومع عدمه كيف يعقل ان يكون عموم العلة مانعا عن انعقاد الظهور للشرط في المفهوم وبالجملة الظاهر أنه خلط بين دعوى