لا ريب ولا كلام في أن وجوب التبين شرطي للعمل، فمفهومه عدم لزوم التبين عن خبر غير الفاسق في مقام العمل فيعمل به من غير تبين.
وفيه: ما تقدم في مبحث المفاهيم من عدم حجية مفهوم الوصف خصوصا غير المعتمد على موصوفه.
الثاني: دلالة الاقتضاء وهي ما افاده الشيخ الأعظم (ره) - وحاصله - انه في خبر الفاسق حيثيتين حيثية ذاتية، وهي كونه خبر واحد وحيثية عرضية، وهي كونه خبر فاسق، وقد علق وجوب التبين على الحيثية الثانية، فلو كانت الأولى صالحة لذلك كان المتعين، التعليق عليها: إذ العدول عن الامر الذاتي إلى العرضي، قبيح وخارج عن الطريقة المألوفة، نظير تعليل نجاسة الكلب بملاقاته مع النجس فيستكشف من ذلك، ان وجوب التبين ينتفى، بانتفاء العنوان العرضي وهو الفسق، فيعمل بخبر غير الفاسق من دون تبين.
وأورد على بايرادين من. الأول: ما افاده المحقق الخراساني (ره) وهو ان لازم هذا التقريب حجية الخبر في نفسه ومانعية الفسق، فلا بد من الالتزام بحجية خبر غير الفاسق مطلقا ولو لم يكن عادلا كالصغير، والوسط بين العادل والفاسق، ولم يلتزم به أحد.
وفيه: انه يقيد اطلاق المفهوم بالأدلة الأخر الدالة على اعتبار العدالة والوثوق.
الثاني: ما افاده بعض الأعظم (ره) وهو ان الخبر عبارة، عن المبتدأ، والخبر، والنسبة، وهذا المعنى يعرض له عوارض قد ينقله شخص واحد، وقد ينقله أشخاص متعددة، والناقل له، قد يكون عادلا، وقد يكون فاسقا فكما ان كون الراوي عادلا أو فاسق من العوارض كذلك كونه واحدا أم متعددا منها.
وفيه: ان المراد من خبر الواحد الخبر الذي يحتمل الصدق والكذب، ومن كون عنوان خبر الواحد ذاتيا للخبر، ليس هو الذاتي في كتاب الكليات، بل المراد به الذاتي في كتاب البرهان، وهو ما يكفي في انتزاعه مجرد وضع الشئ من دون احتياجه إلى ضم شئ آخر إليه، كالزوجية للأربعة، وخبر الواحد أي الخبر الذي لا يفيد القطع ويحتمل فيه الصدق والكذب كذلك: إذ الخبر في ذاته يحتمل الصدق والكذب، وان لم يضم إليه شئ خارجي.