يلغو ذكر البينة، أجبنا عنه بأنها انما ذكرت للتنبيه على حجيتها، مع أن ذكرها من قبيل ذكر الخاص بعد العام.
وثانيا: انه يمكن ان يقال ان الاستبانة هي التفحص والاستكشاف، والبينة ما يظهر بقيام دليل من الخارج، - وبعبارة أخرى - ان المراد من البينة الحجة وما يكون مثبتا للشئ، واطلاق البينة على هذا المعنى انما هو من جهة كونه معناها اللغوي واستعمالها فيه ليس بعزيز، بل ورود في القرآن الكريم وكلمات العلماء قال الله تعالى " وآتينا عيسى بن مريم البينات (1) " وقال " وشهدوا ان الرسول حق وجائهم البينات (2) " وقال " ولقد جائتهم رسلهم بالبينات " (3) إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة، فالأدلة المتقدمة حاكمة، أو واردة على الموثق فإنها تدل على أن خبر الواحد من مصاديق البينة حقيقة بعد الجعل.
وثالثا: ان عدم حجية الخبر في مورد الموثق مما يكون الحلية مستندة إلى اليد والاستصحاب لا يلازم عدم حجيته فيما لا معارض له.
ورابعا: انه قد تقدم في محله عدم تسليم تقدم ما دلالته بالعموم على ما يكون دلالته بالاطلاق، بل يعامل معهما معاملة المتعارضين، وحيث إن أحد طرفي التعارض الآية الشريفة فلا وجه للرجوع إلى المرجحات غير الموافقة للكتاب فيقدم الكتاب.
فالأظهر حجية الخبر الواحد في الموضوعات مطلقا الا ما خرج بالدليل، ويعضد ما ذكرناه النصوص الواردة في الأبواب المتفرقة الدالة على ثبوت الموضوعات الخاصة به، مثل ما ورد في ثبوت الوقت باذان الثقة العارف (4) وما دل على جواز وطء الأمة إذا كان البايع عادلا أخبر باستبرائها (5) وما دل على ثبوت عزل الوكيل به (6) إلى غير ذلك من الموارد، فلا ينبغي التوقف في حجيته في الموضوعات الا ما خرج بالدليل.