هي فيما إذا كان لسان الدليل نفى الموضوع، وكان الغرض منه نفى الحكم كما في قوله (ع) لا ربا بين الوالد والولد، واما لو كان لسان الدليل نفى الحكم ابتداءا فليس هناك حكومة والمقام كذلك إذ المستفاد من المفهوم عدم وجوب التبين عن خبر العادل، وعموم العلة يدل على وجوبه، فيكون المفهوم مخصصا لعموم العلة لا انه يكون حاكما عليه.
وجه الاندفاع ان الموضوع في المقام بنفسه قابل للتعبد به بلا احتياج إلى لحاظ اثر شرعي فالمفهوم تعبد بالموضوع، وهو العلم ويترتب عليه آثاره العقلية من التنجيز والتعذير ويكون خارجا عن عموم التعليل موضوعا بالتعبد وهو من الحكومة بالمعنى الثاني فتدبر فإنه دقيق.
الايراد الثالث: على الاستدلال بالآية الشريفة، ان مورد الآية هو الاخبار بارتداد بنى المصطلق ولا اشكال في أن الخبر لا يفيد في الاخبار بارتداد شخص واحد فضلا عن الاخبار بارتداد جماعة فلو كان للآية مفهوم لزم تخصيص المورد المستهجن فلا مفهوم لها.
وفيه: أولا ما افاده الشيخ الأعظم (ره) - وحاصله - ان المستهجن تخصيص المورد، واما تقييد اطلاق الدليل بالقياس إلى المورد فلا قبح فيه أصلا - مثلا إذا سال عن وجوب اكرام زيد، وأجيب بما يكون مختصا بغيره يكون هذا مستهجنا، واما لو أجيب بكبرى كلية، لزم تقييدها بالإضافة إلى زيد، فلا استهجان فيه، والمقام من قبيل الثاني: فان المورد لا يكون خارجا عن الكبرى المذكورة في الآية، بل لا بد من تقييدها في خصوص المورد بالتعدد ولا يخرج بذلك عن تحت الكبرى الكلية كي يكون مستهجنا.
وأورد عليه بعض المحققين: بان المراد من التبين ان كان هو العلم، كان الامر ارشاديا، إذ وجوب العمل على طبق العلم عقلي، فالامر به لا محالة يكون ارشاديا، لا شرطيا، فلا مفهوم له: لعدم استفادة المفهوم من الامر الارشادي، وان كان المراد منه الوثوق لزم خروج المورد عن تحت الحكم المذكور في المنطوق، إذ لا يكفي الوثوق الحاصل من خبر الفاسق في مثل ذلك فلا يمكن التحفظ على كون وجوب التبين شرطيا مع عدم لزوم تخصيص المورد.