فيه: ان دخالة كل قيد مأخوذ في الدليل سواء جعل قيدا للموضوع، أو الحكم في ثبوت الحكم حدوثا وبقاءا ورجوعه إلى الموضوع ثبوتا لا ينكر، والاختلاف انما هو في مقام الاثبات لا الثبوت والواقع واللب مع أنه لو لم يكن الموضوع ذات النباء - يمكن ان يقال ان الموضوع هو النبأ المحقق المردد بين القسمين فيصير المعنى يجب التبين عن النبأ المحقق إذا جاء به الفاسق فيدل على المفهوم.
ودعوى انه على هذا لا بد وان يعبر بما يدل على المضي لا الاستقبال - مندفعة - بأنه لا وجه لذلك الا دعوى ان ما لم يوجد لعدم تشخصه، وعدم وقوعه على وجه، لا وجه لدعوى انه لا يكون هناك مجال الا للترديد بخلاف ما وجد، وهي مندفعة بان ما فرض في المستقبل إذا كان واحدا شخصيا، فهو بحسب الفرض جزئي لا يعقل وقوعه الا على وجه واحد، فهو غير قابل للانقسام إلى أمرين بل امره مردد بين الامرين بلحاظ جهل الشخص.
ويمكن ان يقرر دلالة الآية على المفهوم بجعل الشرط مركبا من جزئين، النباء، وكون الآتي به فاسقا، وتوضيحه يتوقف على مقدمة.
وهي، ان المقدم في القضية الشرطية، قد يكون أمرا واحدا، وقد يكون مركبا من أمور، وقد عرفت ان الأول على قسمين أي قد يكون لتحقق الموضوع، وقد لا يكون كذلك، واما الثاني فهو على قسمين. الأول: ما إذا كان الحكم بالنسبة إلى كل منها قابلا للاطلاق والتقييد - مثل - ان جاء زيد، وكان على رأسه عمامة، وفى يده عصا، فأكرمه.
الثاني: ما إذا كان بالنسبة إلى بعضها كذلك، وبالنسبة إلى الاخر لبيان تحقق الموضوع، مثل ان رزقت ولدا في يوم الجمعة فاختنه، حيث إن رزق الولد ذكر لبيان تحقق الموضوع، بخلاف يوم الجمعة، وفى القسم الأول يكون الحكم مقيدا بمجموع القيود وتدل القضية على انتفاء الحكم بانتفاء كل واحد من القيود، واما في القسم الثاني فبالنسبة إلى ما سبق لتحقق الموضوع لا مفهوم لها، وينحصر مفهومها بالقياس إلى التقيد الاخر.
وعليه، فما يتوفق عليه الجزاء في المقام عقلا انما هو النبأ ولا مفهوم للآية بالقياس إليه، وما هو قيد للحكم شرعا انما هو القيد الثاني فينتفى الحكم بانتفائه.