إذا عرفت ذلك، فاعلم أن النزاع في المقام انما يكون في أن هذه القضية هل تكون من القسم الثالث، فلا مفهوم لها أم من قبيل القسم الرابع فلها مفهوم، والمحقق الخراساني يدعى كونها من قبيل القسم الرابع، والشيخ الأعظم (ره) يدعى انها من قبيل القسم الثالث.
وقد رجح المحقق النائيني قول صاحب الكفاية، وأفاد في وجه ذلك أن الآية الشريفة نزلت في الوليد حيث أخبر بارتداد بين المصطلق، ولا بد وأن يكون المورد من صغريات الكبرى الكلية المذكورة في الآية، وعليه فحيث انه في المورد اجتمع عنوانان، أحدهما كون الخبر واحدا ثانيهما كون المخبر فاسقا وعلق الحكم على أحد العنوانين، وهو الثاني، فكان الجزاء مترتبا على خصوص ذلك، وهو كون المخبر فاسقا مع فرض وجود العنوان الاخر، وعدم دخله في الجزاء والا لعلق عليه، فيكون مفاد المنطوق بعد ضم المورد إليه ان الخبر الواحد ان كان الجائي به فاسقا فتبينوا، فمفهومه ان لم يكن الجائي به فاسقا فلا تبينوا.
أقول ان هذا المقدار لا يكفي في اثبات هذا القول إذ الشيخ (ره) يدعى ان الكبرى الكلية المذكورة في الآية، هي كون النبأ المقيد بكون الجائي به فاسقا واجب التبين، - وبعبارة أخرى - ان الشرط هو المقيد وعليه فهي منطبقة على المورد أيضا.
واما الثاني: وهو بيان ما هو الحق عندنا فأقول، ان الظاهر من الآية الشريفة كون الموضوع هو النبأ ومجئ الفاسق به هو الشرط لوجوب التبين: وذلك لان الموضوع هو الضمير المستتر في تبينوا، وهو انما يرجع إلى مفعول جاء وهو ذات النبأ، لا النبأ الذي جاء به الفاسق، إذ مضافا إلى أنه لا وجه لتقييده به، لا يعقل ذلك لأنه جعل مفعولا لجاء، والنبأ المضاف إلى الفاسق أي الذي أخبر به الفاسق، لا معنى لجعله مفعولا له، والالزام تحصيل الحاصل كما لا يخفى، فلا محالة لا يكون النبأ مقيدا ويكون مطلقا، فيكون الموضوع ذات النبأ.
والايراد عليه بأنه ان كان الموضوع ذات النبأ المقسم لما جاء به الفاسق، أو العادل، لزم وجوب التبين في طبيعة النبأ وان كانت متحققة في ضمن خبر العادل على تقدير تحقق الشرط، كما عن المحقق صاحب الدرر.