وفيه: أولا ان وجوب العمل على طبق العلم عقلي والواجب هو تحصيل العلم لا العمل به وتحصيله ليس واجبا عقليا بل هو شرعي - وثانيا - ان التبين انما هو بمعنى الظهور والوضوح فالمستفاد من المنطوق هو عدم العمل بخبر الفاسق الا بعد ظهوره و وضوحه، وهذا المعنى في نفسه ظاهر في العلم الوجداني، الا انه كلما ثبت بدليل حجيته، دخل في هذا العنوان بعنوان الحكومة كان هو خبر العادل الثابت حجيته بالمفهوم، أو غيره من الامارات الثابتة حجيتها بدليل خارجي - وبالجملة - ليس المراد به خصوص العلم الوجداني، ولا الوثوق، بل هو الظهور والوضوح فتدل الآية على إناطة جواز العمل بخر الفاسق بالظهور وانكشاف الواقع، وهذا معنى عدم حجيته في نفسه، كما أن مفهومه جواز العمل بخبر العادل بلا اعتبار ذلك وهو معنى حجيته، وحينئذ كلما ثبت حجيته دخل في عنوان التبين والظهور والا فلا.
هذا كله في الجواب الأول عن هذا الايراد، ويمكن ان يجاب عنه بجواب ثان، وهو ان المورد مورد للمنطوق لا المفهوم، وهو لم يرد كبرى لصغرى مفروضة الوجود لعدم ورود الآية مورد اخبار العادل بالارتداد، بل يكون المفهوم من هذه الجهة كساير الكليات الابتدائية ولا ملازمة بين المنطوق والمفهوم في المورد.
الايراد الرابع: ما افاده بعض الأعاظم، وهو ان المراد ان كان هو خصوص العلم الوجداني، لا يمكن ان يكون وجوب التبين نفسيا، أو شرطيا، أو مقدميا، لان مقسم هذه الأقسام الوجوب المولوي، ولزوم اتباع العلم عقلي وامر الشارع به لا محالة يكون ارشاديا فلا مفهوم للآية وان كان المراد به الوثوق، يكون المستفاد من مجموع منطوق الآية ومفهومها حكما مخالفا للاجماع، فان العلماء اختلفوا على قولين أحدهما حجية قول العادل، أفاد الوثوق أم لا؟ ثانيهما حجة الخبر الموثق، والآية على هذا بمفهومها تدل على حجية خبر العادل، وان لم يفد الوثوق، وبمنطوقها تدل على حجية الموثق، وان لم يكن المخبر عادلا وهذا احداث قول ثالث، فلا محالة يقع التعارض بين المنطوق والمفهوم.
وفيه: أولا - انه يمكن ان يكون المراد من التبين، العلم الوجداني، ويكون الامر به