وخالف بالقلب ورواه الكليني عن محمد بن يزيد باسناد ضعيف بتفاوت في المتن في بعض نسخ في محمد بن زيد ولعله الصواب ويمكن الجمع بينه وبين الأخبار السابقة بعد الإغماض عن سنده بحمله على الرجحان والأفضلية وحمل الأخبار السابقة على أصل الجواز والإباحة وبان الترخيص والتحليل في أمر الخمس بيدهم (ع) فيجوز استثناء بعض الافراد والاشخاص في بعض الأزمان عن عموم التحليل والترخيص لمصلحة دعت إلى ذلك وحكمه تقتضيه وذلك لا يقتضى انتفاء حكم التحليل وزواله عن أصله والجمع بان التحليل مخصوص ببعض الأئمة (ع) لمن صدر منه الحكم به فلا ينافي عدمه غيره يأباه ما يدل عليه بعض الأخبار من استمرار الحكم إلى قيام القائم وكذا ظاهر التعليل المفهوم من غير واحد من الاخبار ثم إن قلنا بعدم انسحاب التحليل في مطلق الأخماس كان الجمع بين هذا الخبر وبين الأخبار السابقة بحمل هذا الخبر على ما عدا ما ثبت وتحقق فيه الترخيص لحكم الخاص على العام وغلبته عليه قبحها (متجها) ولا يخفى ان في قوله (ع) ما قدرتم عليه اشعارا باعتبار امكان الموصول إليه (ع) أو إلى وكيله الخاص كما سبق في صحيحة أبي علي بن راشد فلا ينسحب حكمه في زمان الغيبة ومنها ما رواه الشيخ والكليني بالاسناد المذكور قال قدم قوم من خراسان على أبي الحسن الرضا (ع) فسئلوه ان يجعلهم في حل من الخمس فقال ما امحل هذا تمحضونا بالمودة بألسنتكم وتزوون عنا حقا جعله الله لنا وجعلنا له وهو الخمس لا نجعل أحدا منكم في حل وهذه الرواية أيضا ضعيفة لا يقاوم الأخبار السابقة ويستفاد بعض وجوه الجمع بينه وبينها مما ذكرنا في الحديث السابق مع أنه يحتمل ان يكون الجماعة المذكورة من المخالفين الذين يظهرون المودة بألسنتهم دون قلوبهم كما يشعر به قوله (ع) بألسنتكم فلا ينافي التحليل للشيعة ومنها ما رواه الشيخ عن أبي بصير باسناد غير نقى عن أبي جعفر (ع) قال سمعته يقول من اشترى شيئا من الخمس لم يعذره الله اشترى مالا يحل له والوجه في توفيقه يظهر مما مر ومنها ما رواه الكليني عن أبي بصير في الضعيف عن أبي جعفر (ع) قال كل شئ قوتل عليه على شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فان لنا خمسه ولا يحل لاحد ان يشترى من الخمس شيئا حتى يصل إلينا حقنا والوجه في توفيقه قد ظهر مما مر ومنها ما رواه الصدوق في كتاب اكمال الدين واتمام النعمة عن جماعة من مشايخه ذكرهم قالوا حدثنا أبو الحسين محمد بن جعفر الأسدي رضي الله عنه قال كان فيما يورد علي من الشيخ أبى جعفر محمد بن عثمن العمرى قدس الله روحه في جواب مسائل إلى صاحب الزمان (ع) واما ما سئلت عنه من الصلاة إلى أن قال واما ما سئلت من أمر من استحل ما في يده من أموالنا أو يتصرف فيه تصرفه في ماله من غير أمرنا فمن فعل ذلك فهو ملعون ونحن خصمائه فقد قال النبي صلى الله عليه وآله المستحل من عترتي ما حرم الله ملعون على لساني ولسان كل نبي فمن ظلمنا كان في جملة الظالمين لنا وكانت لعنة الله عليه بقوله عز وجل الا لعنة الله على الظالمين وفيه أيضا واما ما سئلت عنه من أمر الضياع التي لنا حيتنا هل يجوز القيام بعمارتها و أداء الخراج منها وصرف ما يفضل من دخلها إلى الناحية احتسابا للاجر وتقربا إليكم فلا يحل لاحد ان يتصرف في مال غيره بغير اذنه فكيف يجوز ذلك في مالنا من فعل شيئا من ذلك بغير أمرنا فقد استحل لنا ما حرم عليه ومن اكل من أموالنا شيئا فإنما يأكل في بطنه نارا وسيصلى سعيرا الحديث وهذا الحديث معتبر الاسناد ووجه الجمع بينه وبين الأخبار السابقة ان المستفاد من هذا الخبر توجه الذم إلى من تصرف في شئ من أموالهم بغير أمرهم واذنهم وهذا لا ينافي جواز التصرف للشيعة في الخمس أو مطلق حقوقهم باذنهم كما هو المستفاد من الأخبار السابقة ومنها ما رواه الصدوق في الكتاب المذكور باسناد ذكره عن أبي الحسين الأسدي ورواه الطبرسي أيضا في كتاب الاحتجاج عنه قال ورد على توقيع من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمن العمرى قدس الله روحه ابتداء لم يتقدمه سؤال بسم الله الرحمن الرحيم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على من استحل من مالنا درهما قال أبو الحسن الأسدي فوقع في نفسي ان ذلك فيما استحل من مال الناحية درهما دون من اكل منه غير مستحل له وقلت في نفسي ان ذلك في جميع من استحل محرما فأي فضل في ذلك للحجة (ع) على غيره قال فوالذي بعث محمدا بالحق بشيرا لقد نظرت بعد ذلك في التوقيع فوجدته قد انقلب إلى ما وقع في نفسي بسم الله الرحمن الرحيم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على من اكل من مالنا درهما حراما قال أبو جعفر محمد بن محمد الخزاعي اخرج إلينا أبو علي بن أبي الحسين الأسدي (محمد بن يعقوب هذا التوقيع حتى نظرنا إليه وقرأناه وطريق الجمع بين هذا الخبر والأخبار السابقة كما مر في الخبر السابق وكذا ما رواه الصدوق عن ابن أبي عمير في الصحيح عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال قلت لأبي جعفر (ع) أصلحك الله ما أشد ما يدخل به العبد النار قال من اكل من مال اليتيم درهما ونحن اليتيم واما ما رواه الشيخ والكليني عن إبراهيم بن هاشم في الحسن قال كنت عند أبي جعفر الثاني (ع) إذ دخل عليه صالح بن محمد ابن سهل وكان يتولى له الوقف بقم فقال يا سيدي اجعلني من عشرة آلاف درهم في حل فاني أنفقها فقال له أنت في حل فلما خرج صالح قال أبو جعفر (ع) أحدهم يثبت على أموال آل محمد عليهم السلام وايتامهم ومساكينهم وفقرائهم وأبناء سبيلهم فيأخذها ثم يجيئ فيقول اجعلني في حل أتراه ظن اني أقول لا افعل والله ليسألنهم الله تعالى عن ذلك يوم القيمة سؤالا حثيثا فلا ينافي الأخبار السابقة لان موضع الخبر مال الوقف والمتصرف فيه ممن يتقى بشهادة الحكم بالتحليل في وجهه والتصريح بخلاف ذلك بعد خروجه (ودلالة قوله يثبت على أن المتولي والمتصرف بطريق التعدي) فلا يعارض الأخبار المذكورة وينبغي التنبيه على أمور الأول المشهور بين الأصحاب وجوب الخمس في جميع أنواع التكسب من تجارة وصناعة وزراعة وغير ذلك عدا الميراث والصداق والهبة والظاهر أن نمائها ملحق بالأرباح كما صرح به الشهيد في البيان وقال أبو الصلاح يجب في الميراث والهبة والهدية أيضا وانكره ابن إدريس وقال هذا شئ لم يذكره أحد من أصحابنا غير أبي الصلاح ولا يخفى ان كثيرا من الأخبار الدالة على الخمس في هذا النوع شامل بعمومها للكل و استدل في المنتهى لقول أبي الصلاح لصحيحة علي بن مهزيار السابقة ولا يخفى انها مما يدل على وجوب الخمس في الجايزة الخطيرة والميراث إذا كان ممن لا يحتسب لا على تعلق الوجوب بمطلق الميراث والهدية كما قاله أبو الصلاح الا ان يستعان في ذلك بعدم القائل بالفصل ولكن اثبات أمثال هذه الدعاوي متعذر ويؤيد قول أبي الصلاح ما رواه الكليني والشيخ عن علي بن الحسن بن عبد ربه في الضعيف قال سرح الرضا (ع) بصلة إلى أبى فكتب إليه أبي هل فيما سرحت إلي خمس فكتب إليه لا خمس عليك مما سرح به صاحب الخمس ومفهومه ثبوت الخمس في غير ذلك وفي هذا الخبر أيضا تأييد لما مر من أن خمس الأرباح والفوايد للإمام (ع) الثاني مذهب الأصحاب ان الخمس انما يجب في الأرباح والفوايد إذا فضلت عن مؤنة السنة له ولعياله وفي المنتهى انه قول علمائنا أجمع ونحوه في التذكرة وفي كلام ابن إدريس أيضا دعوى الاتفاق عليه ويدل على اعتبار الخمس بعد المؤنة صحيحة أبى علي (بن) راشد ورواية محمد بن الحسن السابقتين عن قريب وصحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر المذكورة في خمس المعادن وما رواه ابن بابويه عن إبراهيم بن هاشم في الحسن عن إبراهيم بن محمد الهمداني ان في توقيعات الرضا (ع) ان الخمس بعد المؤنة ويدل على أن مؤنة الرجل لنفسه ولعياله صحيحة علي بن مهزيار السابقة عن قريب واما اعتبار السنة فقد ادعى اجماع الأصحاب عليه المصنف وابن إدريس ولم يذكره بعضهم وأطلق ولم اعرف خبرا يدل عليه صريحا فلعل مستندهم دعوى كونه مفهوما عرفا وللتأمل في ذلك في بعض الافراد طريق وظاهر التذكرة حيث نسب اعتبار السنة الكاملة إلى علمائنا انه لا يكتفى بالطعن في الثاني عشر كما في الزكاة وهو مستقرب الشهيد في (س) وذكر غير واحد من الأصحاب ان المراد بالمؤنة هنا ما ينفقه على نفسه وعياله الواجبي النفقة وغيرهم كالضيف والهدية والصلة لاخوانه وما يأخذه الظالم منه قهرا ويصانعه اختيارا والحقوق اللازمة له بنذر أو كفارة ومؤنة التزويج وما يشتريه لنفسه من دابة وأمة وثوب ونحوها ويعتبر في ذلك فأيليق بحاله عادة فان أسرف حسب عليه ما زاد وان قتر حسب له ما نقص ولو استطاع للحج اعتبرت نفقته من المؤن وببعض ما ذكر صرح في (س) (والبيان وصرح في الدروس) أيضا بان الدين السابق والمقارن الحول مع الحاجة من المؤن وذلك كله غير بعيد نظرا إلى أن المؤنة ما يكتفى به الرجل وهي شاملة لكل ما يكتفى به الرجل
(٤٨٣)