فان انقطاع السفر في الصورة التي ذكرها حكم شرعي لا لغوي ولا عرفي إذ الخارج عن موضع إقامة العشرة لا يصدق عليه انه منشئ للسفر حقيقة بحسب اللغة والعرف بخلاف من يريد انشاء السفر من بلده فإنه لا يصدق عليه اسم المسافر حقيقة فلا يصدق عليه ابن السبيل الثاني ظاهر الأكثر ان الضيف داخل في المعنى الذي ذكر لابن السبيل وظاهر بعض عباراتهم غير ذلك والمشهور اعتبار الحاجة والسفر في المضيف ويحكى عن بعض الفقهاء انه ذكر في بعض قيوده عدم اشتراط الفقر والغربة فيه وقال المصنف في (لف) ولم يذكر ابن الجنيد الضيف وهو الأقوى عندي لنا ان الضيف إذا كان مسافرا محتاجا دخل تحت السبيل والا فلا وهو حسن والرواية التي أشار إليها الشيخان لم اطلع عليه في كتب الحديث ولا في كتب الاستدلال ويعتبر في ابن السبيل الحاجة في السفر وإن كان غنيا في بلده وهل يعتبر العجز عن التصرف في أمواله ببيع ونحوه قيل نعم وقيل لا وهو المحكي عن المحقق وفي اعتبار العجز عن الاستدانة انه وجهان أقربهما العدم عملا بالعموم ويعطى المنقطع به والضيف من الزكاة (بشرط إباحة سفرهما) لا اعلم فيه خلافا في عدم جواز الدفع إلى المسافر من سهم أبناء السبيل إذا كان سفره معصية وانما اختلفوا في السفر المباح فالمشهور انه يكفي الإباحة في جواز الاعطاء من سهمهم وظاهر ابن الجنيد انه لابد من كون السفر واجبا أو مندوبا وللتأمل في المسألة مجال نظرا إلى عموم الآية واقتضاء رواية علي بن إبراهيم كون السفر طاعة لله والمتبادر من الطاعة موافقة الامر فهو لا يتعلق بالمباح وما قال المصنف في (لف) ان الطاعة يصدق على المباح لان فاعله معتقدا لكونه مباحا مطيع في اعتقاده وايقاع الفعل على وجهه ضعيف ولا يبعد ترجيح المشهور والظاهر أنه لا يمنع الاعطاء نية إقامة العشرة كما قاله المصنف وابن إدريس لعدم زوال صدق الاسم لغة وعرفا وخالف فيه الشيخ محتجا بأنه خرج عن اسم المسافر بالنية بناء على وجوب الاتمام عليه وفيه منع ولا يبعد جواز الدفع إليه في حال الإقامة وان لم يكن مريدا للسفر ما دام يصدق عليه اسم المسافر عرفا وظاهر الرواية انه يعطى مؤنة العود إلى بلده وقال المصنف في (ير) ابن السبيل يعطى ما يكفيه لذهابه وعوده ان قصد غير بلده وما يكفيه لوصوله إلى بلده ان قصده ويمكن ان يقال إن أراد قضاء الحاجة التي قصدها في سفره ببلد اخر ثم العود إلى بلده فمؤنة ذلك في قوة مؤنة الرد إلى بلده عرفا وظاهر الرواية انه لا يعطى من سهم ابن السبيل لو أراد الإقامة في غير بلده لطلب علم أو حاجة أخرى وإن كانت واجبة ويحكى عن بعضهم القول بجواز اعطائه لذلك ويشترط في المستحقين الايمان والمراد به الاسلام مع معرفة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام ولا اعرف خلافا بين الأصحاب في اشتراط هذا الوصف ونقل اجماعهم عليه المصنف في المنتهى محتجا عليه بان الإمامة من أركان الدين وأصوله وقد علم ثبوتها من النبي صلى الله عليه وآله ضرورة فالجاحد لها لا يكون مصدقا للرسول صلى الله عليه وآله في جميع ما جاء به فيكون كافرا فلا يستحق الزكاة وبان الزكاة معونة وارفاق فلا تعطى غير المؤمن لأنه محاد لله ولرسوله والمعونة والارفاق مودة فلا يجوز فعلها مع غير المؤمن لقوله تعالى لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله و رسوله وفي الدليلين نظر والصحيح الاستناد في الحكم المذكور إلى الأخبار الكثيرة المستفيضة منها ما رواه الشيخ عن بريد بن معاوية العجلي في الصحيح قال سألت سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل حج وهو لا يعرف هذا الامر من الله عز وجل عليه بمعرفته والدينونة به عليه حجة الاسلام اوقد قضى فريضته فقال قد قضى فريضته ولو حج لكان أحب إلي قال وسئلته عن رجل وهو في بعض هذه الأصناف من أهل القبلة ناصب متدين ثم من الله عليه فعرف هذا الامر يقضى حجة الاسلام قال يقضى أحب إلي وقال كل عمل عمله وهو في حال نصبه وضلالته ثم من الله عليه وعرفه الولاية فإنه يوجر عليه الا الزكاة فإنه يعيدها لأنه وضعها في غير موضعها لأنها لأهل الولاية واما الصلاة والحج والصيام فليس عليه قضاء ومنها ما رواه الكليني والشيخ عنه عن زرارة وبكير والفضيل ومحمد بن مسلم وبريد العجلي في الحسن بإبراهيم بن هاشم ورواه بن بابويه في كتاب علل الشرايع والاحكام في الصحيح عن أبي جعفر وأبى عبد الله (ع) انهما قالا في الرجل يكون في (هذه) بعض الأهواء الحرورية والمرجئة والعثمانية والقدرية ثم يتوب ويعرف هذا الامر ويحسن رأيه أيعيد كل صلاة صلاها أو صوم أو زكاة أو حج أو ليس عليه إعادة شئ من ذلك غير الزكاة لابد ان يؤديها لأنه وضع الزكاة في غير موضعها وانما موضعها أهل الولاية ومنها ما رواه الكليني عن ابن أذينة في الحسن بإبراهيم قال كتبت إلى أبو عبد الله (ع) ان كل عمل عمله الناصب في حال ضلاله أو في حال نصبه ثم من الله عز وجل عليه وعرفه هذا الامر فإنه يوجر عليه ويكتب له الا الزكاة فإنه يعيدها لأنه وضعها في غير موضعها وانما موضعها أهل الولاية واما الصلاة والصوم فليس عليه قضاؤهما وعن إسماعيل بن سعد الأشعري في الصحيح عن الرضا (ع) قال سئلته عن الزكاة هل توضع فيمن لا يعرف قال لا ولا زكاة الفطرة ومنها ما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد في الصحيح قال سألته عن الصدقة على النصاب وعلى الزيدية فقال لا تصدق عليهم بشئ ولا تسقهم من الماء ان استطعت وقال الزيدية هم النصاب وعن علي ابن بلال في الصحيح قال كتبتا إليه أسأله هل يجوز ان ادفع زكاة المال والصدقة إلى محتاج غير أصحابي فكتب لا تعط الصدقة والزكاة الا لأصحابك ومنها ما رواه الكليني عن ضريس في الصحيح قال سئل المدايني سألت أبا جعفر (ع) فقال إن لنا زكاة نخرجها من أموالنا ففي من نضعها فقال في أهل ولايتك فقال اني في بلاد ليس فيها أحد من أوليائك فقال ابعث بها إلى بلدهم تدفع إليهم ولا تدفعها إلى قوم دعوتهم غدا إلى امرك لم يجيبوك وكان والله الذبح ومنها ما رواه الكليني عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سئلت الرضا (ع) عن الرجل له قرابة وموال واتباع يحبون أمير المؤمنين (ع) وليس يعرفون صاحب هذا الامر أيعطون من الزكاة قال لا وهذا الخبر بحسب الظاهر ضعيف لان في طريقه سهل ابن زياد عن أحمد بن محمد بن عيسى لكن المعهود المتكرر كثيرا في مثله ان يكون احمد معطوفا على سهل لكن مع قيام الاحتمال يتحقق الاشكال والامر فيه هيهنا هين ومنها قول أبي عبد الله (ع) في حسنة زرارة ومحمد بن مسلم فاما اليوم فلا تعطها أنت وأصحابك الا من يعرف فمن وجدت من هؤلاء المسلمين عارفا فاعطه دون الناس ومنها ما رواه الشيخ عن زرارة وابن مسلم في الموثق عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) انهما قالا الزكاة لأهل الولاية قد بين الله لكم موضعها في كتابه وعن عبد الله بن أبي يعفور باسناد لا يخلو عن قوة قال قلت لأبي عبد الله (ع) جعلت فداك ما تقول في الزكاة لمن هي قال فقال هي لأصحابك قال فان فضل عنهم قال فأعد عليهم قال قلت فان فضل عنهم قال فأعد عليهم قال قلت فان فضل عنهم قال فأعد عليهم قلت فيعطى السؤال منها شيئا قال فقال لا والله الا التراب الا ان ترحمه فان رحمته فاعطه كسرة ثم اومى بيده فوضع ابهامه على أصول أصابعه وعن أبي بصير في الموثق قال قلت لأبي عبد الله (ع) الرجل تكون عليه الزكاة وله قرابة محتاجون غير عارفين أيعطيهم من الزكاة فقال لا ولا كرامة ولا يجعل الزكاة وقاية لماله يعطيهم من غير الزكاة ان أراد ورواة الكليني أيضا عن أبي بصير في الموثق وعن إبراهيم الأوسي في الضعيف عن الرضا (ع) قال سمعت أبي يقول كنت عند أبي يوما فاتاه رجل فقال اني رجل من أهل الري ولي زكاة فإلى من ادفعها فقال إلينا فقال أليست الصدقة محرمة عليكم فقال بلى إذا دفعتها إلى شيعتنا فقد دفعتها إلينا فقال اني لا اعرف لها أحدا فقال فانتظر بها سنة قال فقال إن لم أصبها أحدا قال انتظر بها سنتين حتى بلغ أربع سنين ثم قال له ان لم تصب لها أحدا فصرها صررا واطرحها في البحر فان الله عز وجل حرم أموالنا وأموال شيعتنا على عدونا ومنها ما رواه الكليني والشيخ عنه عن أبي بصير في القوى قال سأله رجل وانا استمع قال اعطى قرابتي من زكاة مالي وهم لا يعرفونك قال فقال لا تعط الزكاة الا مسلما واعطهم من غير ذلك ثم قال أبو عبد الله (ع) أترون انما في المال الزكاة وحدها ما فرض الله في المال من غير الزكاة أكثر تعطى منه القرابة والمعترض لك ممن يسئلك فتعطيه ما لم تعرفه بالنصب فان عرفته بالنصب فلا تعطيه الا ان تخاف لسانه فتشتري دينك وعرضك منه وهل يعطى عنها (غير) أهل الولاية إذا لم يوجد لها مستحق من أهل الولاية فيه قولان واختار
(٤٥٧)