في التذكرة والشهيد في الدروس والمحقق في (فع) من جواز تناول الزكاة لمن كان له مال يتعيش به من ضيعة يستقلها إذا كان بحيث يعجز عن استنماء الكفاية وإن كان بحيث يكفي رأس المال أو ثمن الضيعة لكفاية السنة ونقل التصريح بذلك عن الشيخ أيضا وذكر ابن إدريس أيضا جواز اخذ الزكاة لمن كان له دار لا يكفيه غلته والأقرب في المسألة انه إن كان له مال يتجر به أو ضيعة يستقلها وكفاه الربح أو الغلة له ولعياله لم يجز له اخذ الزكاة وان لم يكفه جاز ولا يكلف الانفاق من رأس المال ولا من ثمن الضيعة وان لم يكن كذلك فالظاهر أن المعتبر قصور أمواله عن مؤنة السنة له ولعياله إما الأول فيدل عليه مضافا إلى صدق الفقر والاحتياج عليه عرفا روايات يستفاد المطلق بانضمام بعضها إلى بعض وان لم يكن كل واحد منها ناهضا بالدلالة على تمام المدعى منها ما رواه الكليني عن معاوية بن وهب في الصحيح قال سألت سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يكون له ثلاثمائة درهم أو أربعمائة درهم وله عيال وهو يحترف فلا يصيب نفقته فيها أيكتب فيأكلها ولا يأخذ الزكاة أو يأخذ الزكاة قال لا بل ينظر إلى فضلها فيقوت بها نفسه ومن وسعه ذلك من عياله ويأخذ البقية من الزكاة ويتصرف بهذه لا ينفقها والظاهر أن خصوصية مقدار الثلثمأة والأربعمائة غير معتبرة إذا لظاهر عدم القائل بالفصل وفي حكمها العقار والضياع بالتقريب المذكور وعدم الاختلاف في صدق الغنى والفقر بين الأمور المذكورة وعن سماعة في الموثق قال سألت سألت أبا عبد الله (ع) عن الزكاة هل يصلح لصاحب الدار والخادم فقال نعم الا ان يكون داره دار غلة فيخرج له من غلتها دراهم ما يكفيه لنفسه وعياله فإن لم تكن الغلة تكفيه لنفسه وعياله في طعامهم وكسوتهم وحاجتهم من غير اسراف فقد حلت له الزكاة فإن كانت غلتها تكفيهم فلا ورواه الشيخ عن سماعة في الموثق وابن بابويه عنه باسناد لا يبعد ان يعد موثقا وخصوصية الدار غير معتبرة كما لما أشرنا إليه ومنها ما رواه الشيخ عن هارون بن حمزة في القوى قال قلت لأبي عبد الله (ع) يروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا تحل الصدقة لغنى ولا لذي قوه سوي فقال لا يصلح لغنى قال فقلت له الرجل يكون له ثلاثمائة درهم في بضاعة وله عيال فان أقيل عليها اكلها عياله ولم يكتفوا بربحها قال فلينظر ما يستفضل منها فيأكله هو ومن يسعه ذلك وليأخذ لمن لم يسعه من عياله ومنها ما رواه ابن بابويه عن أبي بصير في الضعيف والكليني عنه في الضعيف قال سألت سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل من أصحابنا له ثمانمأة درهم وهو رجل خفاف وله عيال كثيرا له ان يأخذ من الزكاة فقال يا سألت أبا محمد أيربح في دراهمه ما يقوت به عياله ويفضل قال قلت نعم قال كم يفضل قلت لا أدرى قال إن كان يفضل عن القوت مقدار نصف القوت فلا يأخذ الزكاة وإن كان أقل من نصف القوت اخذ الزكاة قلت فعليه في ماله زكاة تلزمه قال بلى قلت كيف يصنع قال يوسع بها على عياله في طعامهم وشرابهم وكسوتهم وان بقى منها شئ يناوله غيرهم وما اخذ من الزكاة فضه على عياله في طعامهم وشرابهم وكسوتهم وان بقى (لا) حتى يلحقهم بالناس ولعل تقدير الفاضل عن القوت بنصف القوت مبنى على متعارف ذلك الزمان فيكون الكسوة وساير الحوائج الضرورية مقدرا في ذلك الزمان بهذا المقدار والأزمان مختلفة في هذا الباب ومنها ما رواه الكليني عن إبراهيم بن هاشم في الحسن عن إسماعيل بن عبد العزيز وهو غير موثق ولا ممدوح عن أبيه وهو مجهول قال دخلت انا وأبو بصير على أبي عبد الله (ع) فقال له أبو بصير ان لنا صديقا وهو رجل صدوق يدين الله بما ندين به فقال من هذا يا سألت أبا محمد الذي تزكيه فقال العباس بن الوليد بن صبيح فقال رحم الله الوليد بن صبيح ماله يا سألت أبا محمد قلت جعلت فداك له دار تسوى أربعة آلاف درهم وله جارية وله غلام يستقى على الجمل كل يوم ما بين الدرهمين إلى الأربعة سوى علف الجمل وله عيال اله ان يأخذ من الزكاة قال نعم قال وله هذه العروض فقال يا سألت أبا محمد فتأمرني ان امره ببيع داره وهي عزه ومسقط رأسه ويبيع جاريته التي تقيه الحر والبرد وتصون وجهه ووجه عياله أو امره ان يبيع غلامة أو جمله وهو معيشته وقوته بل يأخذ الزكاة فهي له حلال ولا يبيع داره ولا غلامه ولا جمله ففي قوله أو جمله وهو معيشته وقوته دلالة ما على المطلق واما الحكم الثاني فاستدل عليه بعضهم بان الفقر لغة وعرفا الحاجة قال الله تعالى يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله اي المحتاجون ومن قصرت أمواله عن كفاية عامه فهو محتاج وفيه تأمل والأجود الاستدلال عليه بما رواه الكليني عن أبي بصير في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال سمعت سألت أبا عبد الله (ع) يقول يأخذ الزكاة صاحب السبعمائة إذا لم يجد غيره قلت فان الصاحب السبعمائة يجب عليه الزكاة قال زكاته صدقته على عياله ولا يأخذها الا ان يكون إذا اعتمد على السبعمائة أنفدها في أقل من سنة فهذا يأخذها ولا تحل الزكاة لمن كان محترفا وعنده ما يجب فيه الزكاة ان يأخذ الزكاة وهذا الخبر محمول على من كانت عنده سبعمائة لا يستنميها جمعا بين الاخبار ويرشد إليه قول الراوي فان صاحب السبعمائة يجب عليه الزكاة واما ما رواه الشيخ عن زرارة وابن مسلم في الموثق قال زرارة قلت لأبي عبد الله (ع) فإن كان بالمصر غير واحد قال فاعطهم ان قدرت جميعا قال ثم قال لا تحل لمن كانت عنده أربعون درهما يحول عليها الحول عنده ان يأخذها وان اخذها اخذها حراما فيحتمل الحمل على التقية لموافقتها لمذهب جماعة من العامة احتج القائلون باعتبار ملك النصاب بما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لمعاذ اعلمهم ان عليهم الصدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم وبأنه يجب عليه دفع الزكاة فلا يحل له اخذها للتنافي بينهما والجواب عن الأول ان الرواية عامية لا يصلح الاعتماد مع جواز ان يكون المراد بالأغنياء المزكين نظرا إلى الغالب واحتمال كون الغنى الموجب لدفع الزكاة غير الغنى المانع من اخذها واطلاق اللفظ عليها بالاشتراك وعلى تقدير التسليم لابد من صرف الخبر عن ظاهره جمعا بين الأدلة وعن الثاني بمنع التنافي بين وجوب الدفع وجواز الاخذ والاستبعاد غير نافع والصنف الثالث من أصناف المستحقين للزكوة (العاملون عليها) (وهم السعاة لتحصيلها) اي الساعون في جبايتها وتحصيلها بأخذ وكتابة وحساب وحفظ وقسمة ونحو ذلك وفي تفسير علي بن إبراهيم نقلا عن العالم والعاملين عليها هم السعاة والجباة في اخذها وجمعها وحفظها حتى يؤدوها إلى من يقسمها والظاهر أنه لا خلاف بين أصحابنا في استحقاق هؤلاء سهما من الزكاة وان كانوا أغنياء واليه ذهب أكثر العامة ويدل عليه الآية وما رواه الكليني عن زرارة ومحمد بن مسلم في الحسن بإبراهيم بن هاشم انهما قالا لأبي عبد الله (ع) أرأيت قول الله عز وجل انما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله اكل هؤلاء يعطى وإن كان لا يعرف فقال إن الامام يعطي هؤلاء جميعا لانهم يقرون له بالطاعة الحديث وقال بعض العامة ان ما يأخذه العامل يكون عوضا واجرة لا زكاة لأنه انما يعطى مع العمل والزكاة انما يؤخذ استحقاقا لا عوضا ولأنه يأخذ مع الغنى والصدقة لا يحل الغنى والجواب عن الأول انهم يستحقون الزكاة لكن استحقاقهم مشروط بالعمل وعن الثاني ان ان العامل لا يأخذ الزكاة باعتبار الفقر حتى ينافيه الغنى بل استحقاقه باعتبار عمله كما يعطى ابن السبيل وإن كان غنيا في بلده وينبغي للامام ان يبعث ساعيا في كل عام ليتحصل الصدقات من أربابها تأسيا بالنبي (ص) ولان تحصيل الزكاة انما يتم به غالبا وينبغي ان يوصيه كما وصى به أمير المؤمنين (ع) روى الكليني عن بريد بن معاوية في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال سمعت سألت أبا عبد الله (ع) يقول بعث أمير المؤمنين (ع) مصدقا من الكوفة إلى باديتها فقال له يا عبد الله انطلق وعليك بتقوى الله وحده لا شريك له ولا تؤثرن دنياك على اخرتك وكن حافظا لمن ائتمنك عليه راعيا لحق الله فيه حتى تأتي نادي بني فلان فإذا قدمت فأنزل بينهم من غير أن تخالط أبياتهم ثم انزل إليهم بسكينة ووقار حتى تقوم بينهم وتسلم عليهم ثم قول لهم يا عباد الله أرسلني إليكم ولي الله لاخذ منكم حق الله في أموالكم فهل لله في أموالكم من حق فتؤدون إلى وليه فان قال لك قائل لا فلا تراجعه وان أنعم لك منهم منعم فانطلق معه من غير أن تخيفه أو تعده الا خيرا فإذا أتيت ماله فلا تدخله الا باذنه فان أكثره له فقل له يا عبد الله أتأذن لي في دخول مالك فان اذن لك فلا تدخله دخول تسلط عليه فيه ولا عنف به فاصدع المال صدعين ثم خيره اي الصدعين شاء فأيهما اختار فلا تعرض له ثم اصدع الباقي
(٤٥٣)