ولست في شك من دعاء الملك لي {ويستحب ان يضرب خباه بنمرة} قد مر ما يدل عليه عند شرح قول (المص) ثم يمضى إلى عرفة ومقتضى النصوص انه لا ينتقل من نمرة حتى تزول الشمس واستشكله الشهيد الثاني بفوات جزء من الوقوف الواجب عند الزوال وقد مر في البحث المشار إليه ما يفي بتحقيقه {وان يجمع رحله} أي يضم أمتعته بعضها ببعض وعال بان فيه الامن من الا ذهاب وفيه جمع للقلب الموجب لامكان الاقبال على الدعاء من غير تفرق {ويسد الخلل به وبنفسه} قد مر عند شرح قول (المص) يستحب الوقوف في ميسرة الجبل ما يدل عليه و (الظ) ان المراد سد الخلل الكائن في الأرض بحيث لا يبقى في الأرض موضع خال من الشاغل غير مستتر بشئ وقيل المراد انه لا يدع عليه بينه وبين أصحابه فرجة يطمع في دخولها أجنبي يشتغلون بالتحفظ عنه عن الدعاء أو يؤذيهم في شئ من أمورهم (وظ) النص سد الخلل مطلقا واحتمل بعض الأصحاب كون متعلق الجار في به وبنفسه محذوفا صفة للخلل والمعنى انه يسد الخلل الكائن بنفسه ورحله بان يأكل إن كان جائعا ويشرب إن كان عطشانا وهكذا يفعل بغيره ويزيل الشواغل المانعة من الاقبال على الدعاء والمستفاد من النص المعنى الذي ذكرناه {والدعاء قائما} وعلل بكونه أشق فيكون أفضل لان أفضل الأعمال اخمرها؟ و ينبغي ان لا يكون موجبا لشدة التعب المنافى للخشوع والاقبال بالقلب {ويكره راكبا وقاعدا} الا اعلم نصا يدل عليه وفى الخلاف يجوز الوقوف بعرفة راكبا و قائما سواء ونقل عن أحد قولي الشافعي أفضلية الركوب ثم احتج عليه باجماع الفرقة وطريقة الاحتياط وبان التفصيل يحتاج إلى دليل وبان القيام أشق وينبغي ان يكون أفضل ونقل في (المخ) عن الخلاف المساواة وعن المبسوط أفضلية القيام واحتج الثاني بالأشقية واحتج في المنتهى للشافعي بان النبي صلى الله عليه وآله وقف راكبا وبأنه أمكن له واعون على الدعاء وأجاب بحمل فعله (ع) على جواز الركوب كما فعل في الطواف مع أنه لا خلاف في أفضلية المشي فيه {وفى أعلى الجبل} على (المش) بين الأصحاب ونقل عن ابن البراج وابن إدريس القول بالتحريم الا مع الضرورة والأول أقرب لموثقة إسحاق بن عمار السابقة عند شرح قول (المص) ويستحب الوقوف في ميسرة الجبل ومع الضرورة فينتفى الكراهة والتحريم ونقل (المص) في كره الاجماع عليه ويدل عليه رواية سماعة المتقدمة في البحث المشار إليه وما رواه الكليني عن سماعة في الضعيف قال قلت لأبي عبد الله (ع) إذا ضاقت عرفة كيف يصنعون قال يرتفعون إلى الجبل {ولا يجزيه لو وقف بنمرة أو عرفة أو ثوية أو ذي المجاز أو تحت الأراك} لا أعلم خلافا في هذا الحكم بين الأصحاب قال في المنتهى وقال به الجمهور كافة الا ما حكى عن مالك انه لو وقف ببطن عرفة أجزأه ولزم الدم وقدم عنده شرح قول (المص) وهو ركن وعند شرح قوله ويستحب الوقوف في ميسرة الجبل ما يدل عليه وروى الشيخ عن إسحاق بن عمار في الموثق عن أبي الحسن (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ارتفعوا عن وادى عرفة بعرفات وقد مر ما يتعلق بتفسير هذه الألفاظ والاراك كسحاب موضع بعرفة وقرب نمرة قال الشهيد الثاني وهذه الأماكن الخمسة حدود عرفة وهي راجعة إلى أربعة كما هو المعروف من الحدود لان نمرة بطن عرفة كما روى في حديث معوية بن عمار عن الصادق (ع) ولا يقدح ذلك في كون كل منهما حدا فان أحدهما الصق من الأخر وغيرهما وان شاركهما باعتبار الساعة في امكان جعله كذلك قال ليس لاجزائه أسماء خاصة بخلاف نمرة وعرفة وفيما ذكره من التوجيه نظر وفاقا للمدقق الشيخ على لان كون أحدهما الصق يقتضى المغايرة بينهما و هو خلاف فاسلمه من الاتحاد نظرا إلى دلالة الرواية عليه مع أن ذلك يتقضى اختصاص الحدية بالملاصق لان الحد ما ينتهى به المحدود وبالجملة الحكم بالاتحاد ينافي جعلهما حدين والأقرب في توجيه الكلام ما مر نقله سابقا عن المنتهى عند ايراد حسنة معوية بن عمار {فإذا غربت الشمس بعرفة أفاض ليلة النحر إلى المشعر} الحرام وروى الشيخ عن معوية عمار في الصحيح قال قال أبو عبد الله (ع) ان المشركين كانوا يفيضون قبل ان يغيب الشمس فخالفهم رسول الله صلى الله عليه وآله فأفاض بعد غروب الشمس واعلم أن للمشعر الحرام أسماء ثلاثة المشعر والجمع والمزدلفة قال الجوهري المشاعر موضع المناسك والمشعر الحرام أحد المشاعر وكسر الميم لغة وقال أيضا ويقال للمزدلفة جمع لاجتماع الناس بها وفى المشعر الحرام ويكسر ميمه المزدلفة وعليه بناء اليوم ووهم من ظنه خسلا يقرب ذلك البناء وقال أيضا الجمع بلا لام المزدلفة وروى ابن بابويه عن معوية بن عمار في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال في حديث إبراهيم (ع) ان جبرئيل انتهى به إلى الموقف وأقام به حتى غربت الشمس وأفاض به فقال يا إبراهيم ازدلف إلى المشعر الحرام فسميت مزدلفة وعن إسماعيل بن جابر وغيره عن أبي عبد الله (ع) قال سميت جمع لان ادم (ع) جمع فيها بين الصلاتين المغرب والعشاء ويستحب الاقتصاد في سيره والدعاء عند الكثيب الأحمر روى الشيخ عن معوية بن عمار في الصحيح قال قال أبو عبد الله (ع) إذا غربت الشمس فافض مع الناس وعليك السكينة والوقار وافض من حيث الناس واستغفروا الله ان الله غفور رحيم فإذا انتهيت إلى الكثيب الأحمر عن يمين الطريق فقل اللهم ارحم موقفي وزد في عملي وسلم لي ديني وتقبل مناسكي وإياك والوصف الذي يصنعه كثير من الناس فإنه بلغنا ان الحج ليس يوصف الخيل ولا ايضاع الإبل ولكن اتقوا ا الله وسيروا سيرا جميلا ولا توطئوا ضعيفا ولا توطئوا مسلما واقتصدوا في السير فان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقف ساقيه حتى كان يصيب رأسها مقدم الرجل ويقول يا أيها الناس عليكم بالدعة فسنة رسول الله صلى الله عليه وآله يتبع قال معوية بن عمار وسمعت أبا عبد الله (ع) يقول اللهم اعتقنى من النار ويكررها حتى أفاض الناس قلت الا يفيض قد أفاض الناس قال انى أخاف الزحام وأخاف ان أشرك في عنت انسان وروى الكليني عن معوية بن عمار باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم والاخر قوى عندي قال قال أبو عبد الله (ع) ان المشركين كانوا يفيضون قبل ان يغيب الشمس فخالفهم رسول الله صلى الله عليه وآله فأفاض بعد غروب الشمس قال وقال أبو عبد الله (ع) إذ غربت الشمس فافض مع الناس وعليك السكينة والوقار إلى اخر ما مر في الحديث السابق مع تفاوت في المتن في مواضع منها قوله (ع) الوجيف بدل الوصيف وهما بمعنى قال في (س) وصف البعير أسرع كما وظف وقال في الصحاح وضع البعير وغيره أي أسرع في سيره ثم قال وواضعه راكبه وانشد شعر أبو عمرو وقال أنزلني فلا ايضاع لي أي لا أقدر على أن أسير وقال في (س) وجف يجف وجفا ووجيفا ووجوفا اضطرب والوجف والوجيف ضرب من سير الخيل والإبل والكثيب التل من الرمل وفى (س) يطأه بالكسر يطأ رأسه ثم قال وأوطأه فرسه حمله عليه فوطئه وقال العنت الهلاك ودخول المشقة على الانسان ولقاء الشدة ويستحب ان يدعوا عند غروب الشمس بما رواه الشيخ عن أبي بصير في القوى عن أبي عبد الله (ع) قال إذا غربت الشمس فقل اللهم لا تجعله اخر العهد من هذا الموقف وارزقنيه ابدا ما أبقيتني وأقلني اليوم مفلحا منجحا مستجابا لي مرحوما مغفور إلى بأفضل ما ينقلب به اليوم أحد من وفدك عليك واعطني أفضل ما أعطيت أحدا منهم من الخير والبركة والرحمة والرضوان والمغفرة وبارك لي فيما ارجع إليه من أهل أو قال أو قليل أو كثير وبارك لي في (وتأخير العشائين إلى المشعر ولو ترجع به الليل) وفى المنتهى وان ذهب ربع الليل أو ثلثه أجمع عليه أهل العلم كافة وفى (س) وان ذهب الليل و (المش) ان ذلك على سبيل الأفضلية وقال الشيخ في (يه) ولا يصلى المغرب والعشاء الآخرة الا بالمزدلفة وان ذهب من الليل أربعة أو ثلاثة فان عاقه عائق عن المجيئ إلى المزدلفة إلى أن يذهب من الليل أكثر من ذلك جاز ان يصلى المغرب في الطريق ولا يجوز ذلك مع الاختيار ونحوه قال في (ط) وظاهر هذه العبارة التحريم وكذا ظاهر كلامه في (يب) والاستبصار ونقل عن ابن أبي عقيل ان كلامه يوهم ذلك وقال في (ف) المغرب والعشاء لا يصليان الا بالمزدلفة الا لضرورة من الخوف والخوف ان يخاف فوتهما وخوف الفوات إذا مضى ربع الليل وروى إلى نصف الليل والأقرب كراهة التقديم إما رجحان التأخير فلما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما قال لا تصل المغرب حتى تأتى جمعا وان ذهب ثلاث الليل وما رواه الكليني والشيخ عنه عن الحلبي في الحسن عن أبي عبد الله (ع) قال قال لا تصل المغرب حتى تأتى جمعا فصل بها
(٦٥٥)